للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي القياس له نصف كل مائة؛ لأن لفظ الاشتراك يقتضي التسوية عند الإطلاق، قال الله تعالى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (١)، وقد أشرك الثالث فيما أوصى به لكل واحد منهما في استحقاق المائة، وذلك يوجب أن يكون له نصف كل مائة، وجه الاستحسان أنه أثبت الشركة بينهم وإنما تثبت المساواة بينهم إذا أخذ من كل واحد منهما [ثلث المائة، أما إذا أخذ من كل واحد منهما] (٢) نصف المائة حتى حصل له مائة لا تثبت المساواة بينهم، فعلم بهذا أنه أشرك (٣) بينهما (٤) جملة واحدة فلا يعتبر بإشراكه (٥) إياه مع كل واحد منهما متفرقًا.

قوله: ثم كان الاشتراك، أي قال الثالث: قد أشركتك معهما فيما أوصيت لهما، كان له النصف من كل واحد منهما جميعًا لأنه حين فاوت (٦) بين الأولَيْن ثم أشرك الثالث معهما علم أنه لم يرد بالإشراك التسوية بينهم من كل وجه جملة، بل أراد بهذا الإشراك التسوية بينه وبين كل واحد منهما [فيما أوصى لكل واحد منهما] (٧) على الانفراد وأخذ فيه بالقياس.

وإن أوصى لأحدهما بجارية ولآخر بجارية أخرى وقيمتهما سواء، ثم قال لآخر: أشركتك معهما، فله الثلث من كل واحدة منهما عند أبي يوسف ومحمد، وعند أبي حنيفة من كل واحدة منهما نصفها؛ لأنه لا يرى قسمة الرقيق، فصارت بمنزلة وصيتين مختلفتين، وأبو يوسف ومحمد رحمهما الله يجوزان قسمة الرقيق، فصار كأنه أوصى بالألف لهذا وبالألف لهذا ثم أشرك ثالثًا معهما، كذا في الجامع الصغير (٨) لقاضي خان والمحبوبي (٩) رحمهما الله.

ومن قال: لفلان علي دين فصدقوه إلى آخره (١٠)، وقد قال أصحابنا هذه المسألة وفيها شبهة؛ لأنه لم يجعل هذا الإقرار كالدين وكالوصية بل جعل أضعف منهما.


(١) سورة النساء: ١٢.
(٢) ساقطة من (ب) و (ج)، وإثباتها من (أ) هو الصواب.
(٣) في (أ): اشترك، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٤) في (أ) و (ج): أشرك معهما، وما أثبت من (ب) هو الصواب.
(٥) في (أ) و (ب): باشتراكه، وما أثبت من (ج) هو الصواب.
(٦) في (ب): فارق، وما أثبت من (أ) و (ب) قريب من معناه.
(٧) ساقطة من (ب)، وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) ينظر: البناية (١١/ ٤٢٢).
(٩) ينظر: البناية (١١/ ٤٢٢).
(١٠) قَالَ: (وَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدَّقُوهُ)، مَعْنَاهُ قَالَ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ (فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ)، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ. ينظر: الهداية (٤/ ٥٢١)، العناية (١٠/ ٤٥٣)، البناية (١٣/ ٤٣٠).