للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ألا ترى أنه لا يمنع القسمة كالدين ولم يوجب مشاركة [الموصى] (١) له كسائر الوصية فكان الواجب أن يكون أقوى من الوصية لأنه أخذ شبهًا من الدين ومن الوصية؛ فإن أقر المريض مع ذلك بدين مسمى فالمسمى أولى؛ ولو قال كل من يَدَّعِي عليَّ شيئًا فأعطوه فهو باطل إلا أن يقول إن رأى الوصي أن يعطيه فأعطوه فحينئذ يعطى من الثلث، وكذا لو قال: احبسوا إليَّ ألفًا فمن ادعى علي شيئًا فادفعوا إليه لم يجز إلا أن يقول: إن رأى الوصي كذا ذكره الإمام التمرتاشي (٢).

وقوله: فصدقوه، صدر مخالفًا للشرع لأنه أمرهم بخلاف حكم الشرع وهو تصديق المدعي من غير حجة.

فيجعلها أي فيجعل هذه الوصية وصية جعل التقدير فيها إلى الموصى له.

وقوله جعل التقدير صفة للنكرة، وهي وصية أي وصية مجهولًا التقدير فيها إلى الموصى له كما في قوله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى} (٣)، وكذا الوصايا معلومة وهذا مجهول، فأما هذا فليس بدَيْن معلوم ولا وصية معلومة لكنه دين في حق المستحق وصية في حق التقدير (٤)، وهذا بخلاف ما إذا أقر بِعَيْن أو دَيْن.

وقوله وهذا إشارة إلى الإيصاء المذكور في قوله: ومن أوصى لأجنبي ولوارثه فللأجنبي نصف الوصية.

وأما ههنا أي في صورة إقرار المريض لوارثه وللأجنبي بالدين فلا يصح إقراره أصلا للأجنبي ولا للوارث، والفرق أن الإقرار إخبار فلو صح إقراره للأجنبي حيث (٥) يثبت المخبر به وهو الدين المشترك، لأنه أقر بدين مشترك فيثبت كذلك، فما من شيء يأخذه الأجنبي إلا وللوارث حق المشاركة فيه فيصير إقرارًا للوارث، أما الوصية فتمليك مبتدأ لهما فببطلان التمليك لأحدهما لا يبطل التمليك للآخر.

وقال الإمام التمرتاشي (٦): هذا الذي ذكره من حكم البطلان في الإقرار فيما إذا تصادقا، أما إذا أنكر الأجنبي شركة الوارث أو الوارث أنكر شركة الأجنبي فالإقرار باطل أيضًا.

وقال محمد: يصح في حصة الأجنبي؛ لأن الوارث مقر ببطلان حقه وبطلان حق شريكه، فبطل في نصيبه وثبت في نصيب الآخر.


(١) ساقطة من (ج)، وإثباتها من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٢) ينظر: المحيط البرهاني (٦/ ٢٣١)، تبيين الحقائق (٦/ ١٩٢).
(٣) سورة البقرة: ٢٦٣.
(٤) في (أ) و (ج): التنفيذ، وما أثبت من (ب) هو الصواب.
(٥) في (أ): حتى، وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٦) ينظر: تبيين الحقائق (٦/ ١٩٢).