للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلتُ: نعم كذلك وهما وإن كانا اسمين مترادفين لامرأة لا زوج لها استعمالًا ولكن في أصل ما يرجع إليه اشتقاقهما يفترقان؛ فاختلاف الحكم المبني عليهما كان بسبب اختلاف مرجعهما (١) إلى ذلك الأصل.

وقال الإمام شمس الأئمة السرخسي: في الجامع الكبير: ولو أوصى بثلث ماله لأرامل بني فلان وهم يحصون أو لا يحصون فالوصية (٢) جائزة؛ لأن في الحقيقة معنى هذا الاسم ما ينبيء (٣) عن الحاجة؛ يقال أرمل القوم إذا نفد ما عندهم من الزاد فصاروا محتاجين ثم قال: الأرامل للنساء خاصة دون الرجال؛ وقال الشافعي (٤) يدخل فيه النساء والرجال ولكنا نقول: يتناول النساء خاصةً؛ لأن معنى مفارقة الزوج في هذا اللفظ معتبر فإن من لم تتزوج لا تسمى أرملة؛ ونفقة الزوجات على الأزواج شرعًا فالمرأة إذا فارقها زوجها نفد (٥) ما كان لها من النفقة بهذه المفارقة تسمى أرملة؛ وأما الرجل فلم ينفد زاده بهذه الفرقة إذ ليس له عليها (٦) شيء من الزاد فلا يكون أرمل؛ ثم الأرامل من النساء البالغة (٧) التي كان لها زوج ففارقها أو مات عنها سواء دخل بها أو لم يدخل وهي محتاجة لما بينا أن حقيقة المعنى فيه نفاد زادها بسقوط نفقتها عن زوجها.

ثم قال: ولو أوصى بثلث ماله لأيامى بني فلان وإن كن لا يحصون فالوصية باطلة؛ لأنه ليس في الاسم ما ينبئ عن الحاجة، فالتأيم هو البعد عن الزوج، وإذا لم يكن فيه ما ينبيء عن الحاجة تعذر إدخال الكل في الوصية إذا كن لا يحصين فبطلت الوصية؛ وإن كن يحصين (٨) فالوصية جائزة؛ ولا يدخل في الأيامى الرجال إنما الوصية للنساء خاصة، وكان الكرخي: يقول: يدخل فيه النساء والرجال، ولكن قول محمد: حجة في اللغة.

وذكر في المغرب أيضًا ما يدل على أن اختلاف الحكم فيهما واقع على إنباء اللغة على ذلك؛ وقال أرمل أي افتقر من الرمل (٩) كادفع من الدفعاء وهي التراب، ثم قال: وفي التهذيب يقال للفقير الذي لا يقدر على شيء من رجل أو امرأة أرمل ولا يقال للتي لا زوج لها [وهي] (١٠) موسرة أرملة فعلم بهذا أن معنى الفقر لازم في الأرمل، والأيم التي لا زوج لها بكرًا كان أو ثيبًا؛ ورجل أيم أيضًا وقد آمت آيمة والفقر فيه ليس بلازم فلذلك صار اسم الأيامى بمنزلة اسم الشبان في أنه لا ينبئ عن الحاجة.


(١) في (ب): موجبهما؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) في (ج): فالوديعة؛ وما أثبت من (أ) و (ب) هو الصواب.
(٣) في (ب) و (ج): لا ينبئ؛ وما أثبت من (أ) هو الصواب.
(٤) في (ب) و (ج): الشعبي؛ وما أثبت من (أ) هو الصواب.
(٥) في (ب): بعد؛ وما أثبت من (أ) و (ج) قريب من معناه.
(٦) في (ب): إذ ليس عليها؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٧) في (ب): مبالغة؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٨) في (ب): لا يحصون؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب؛ وبه يستقيم المعنى.
(٩) في (ب): الرجل؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(١٠) ساقطة من (ب)؛ وإثباتها من (أ) و (ج) هو الصواب.