للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلم بهذا أن ما ذكر من الاستحباب فيما إذا كان مراهقًا؛ وأما إذا كان بالغًا بأن بلغ بالسن ولم يظهر فيه شيء من علامات الرجال أو النساء لا تجزئه الصلاة بغير قناع إذا كان الخنثى (١) حرًا لأنه يجوز أن يكون ذكرًا فتجزئه الصلاة ويجوز أن يكون أنثى فلا تجزئها الصلاة بغير قناع لأن الرأس من الحرة البالغة (٢) عورة؛ والصلاة متى جازت من أوجه وفسدت من أوجه يحكم بالفساد احتياطًا؛ فإذا جازت من وجه وفسدت من وجه أولى كذا في الذخيرة (٣).

ويجلس في صلاته جلوس المرأة معناه أنه يخرج رجليه من جانب ويجلس بإليتيه على الأرض لأن ذلك أقرب إلى الستر ولأن الرجل يجوز له أن يفعل كذلك حالة العذر واشتباه الحال من أبين الأعذار كذا في المبسوط (٤) والذخيرة (٥).

وإن لم يُعِد أجزأه هذا محمول على حالة المراهقة؛ وأما في حالة بلوغه بالسن فالحكم فيه هو الإعادة على ما ذكرته من رواية الذخيرة (٦).

وإلى هذا أيضًا أشار في المبسوط وقال ولو صلى بغير قناع قبل أن يدرك لم آمر بالإعادة لأن أسوأ حاله أن يكون أنثى والمراهقة إذا صلت بغير قناع لا تؤمر بالإعادة استحسانًا (٧)؛ ثم قال وفي بعض النسخ وإن كان بالغًا فصلى بغير قناع أمرته بأن يعيد وهذا بطريق الاحتياط لكن لا يتصور بقاؤه مشكلًا بعد البلوغ وإن تصور فالحكم هذا هكذا لفظ المبسوط (٨)؛ ولم يتعرض فيه أن طريق الاحتياط فيه على وجه الاستحباب أو على وجه الوجوب فالظاهر هو الوجوب لِقِرَانِه بالأمر.

ويبتاع له أمة تختنه (٩) وفي بعض الروايات تحقنه (١٠) والصحيح هو الأول لأنه ذكر في تاج المصادر (١١) الاختتان خويشتن را ختنه كردن (١٢) وهكذا أيضًا في المغرب وقال ختنت الصبي ختنًا واختتن هو أي خُتِنَ أو خَتَنَ نفسه (١٣).


(١) في (ب): الأنثى؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٢) في (ب): العاقلة؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٣) ينظر: غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (٣/ ٣٧٤)، الفتاوى الهندية (٦/ ٣٤٨).
(٤) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١٠٧).
(٥) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١٠٧)، غمز عيون البصائر (٣/ ٣٧٦)، البناية (١٣/ ٥٣٢).
(٦) ينظر: العناية (١٠/ ٥١٨)، البناية (١٣/ ٥٣١)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤٣٨).
(٧) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١٠٨).
(٨) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١٠٨).
(٩) اختلف الفقهاء في جواز ختان الخنثى على أقوال: فذهب الحنفية إلى أن الخنثى الصغير الذي لا يشتهى يجوز أن يختنه الرجل أو المرأة. ينظر: الاختيار ٣/ ٣٩، والبدائع ٧/ ٣٢٨، وفتح القدير ٨/ ٥٠٦، و ٥٠٧.
وأما المالكية فقال بعض فقهائهم: لا يوجد نص في ذلك، ويرى ابن ناجي كما نقله الخطاب: أن الخنثى لا يختتن تطبيقا لقاعدة: تغليب الحظر على الإباحة. ومسائله تدل على ذلك. ينظر: الحطاب ٣/ ٢٥٩.
-ويرى الشافعية أن الخنثى لا يختن في صغره، فإذا بلغ فوجهان:
أحدهما: وهو المشهور يجب ختان فرجيه. والثاني: وهو الأصح: أنه لا يجوز لأن الجرح لا يجوز بالشك، فعلى الأول، إن أحسن الختان، ختن نفسه، فإن لم يمكن تولاه الرجال والنساء للضرورة. ينظر: شرح المنهج على حاشية الجمل ٥/ ١٧٤، وأسنى المطالب ٤/ ١٦٤، ١٦٥، روضة الطالبين ١٠/ ١٨١، والأشباه والنظائر للسيوطي/ ٢٤٤.
-وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَخْتِنُ فَرْجَيِ الْخُنْثَى احْتِيَاطًا. ينظر: كشاف القناع ١/ ٨٠.
(١٠) ينظر: العناية (١٠/ ٥١٨)، البناية (١٣/ ٥٣٢)، وأما رواية: "تحقنه": لم أقف عليها.
(١١) هو: تاج المصادر في لغة الفرس، لرودكي الشاعر، وهو: الحسن محمد بن عبد الله السمرقندي. المتوفى: سنة ٤٣٤. ينظر: كشف الظنون (١/ ٢٧٠).
(١٢) ختنه كردن: هو قطع الجلد الزائد على الحشفة. ينظر: جامع العلوم في اصطلاحات الفنون (٢/ ٥٥)، المنجد الأبجدي [قاموس عربي فارسي] (ص: ٣٥٦).
(١٣) ينظر المغرب (ص: ١٣٨).