للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل لِمَ لم يقل أنه يزوج له الولي امرأة بمهر يسير (١) مع أن وجود المعنى الذي ذكره في الأمة موجود ههنا فإن الخنثى لو كان ذكرًا كانت هذه امرأته؛ وإن كان أنثى فكان فيه نظر الجنس إلى الجنس حتى لا يحتاج إلى شراء الجارية بالمال الكثير.

قلنا تزويج المرأة للخنثى لا يفيد إباحة الختان لأن النكاح موقوف قبل أن يستبين أمره؛ يجوز أن يكون ذلك ذكرًا فيجوز النكاح ويجوز أن يكون أنثى فلا يجوز النكاح؛ فإذا كان مشكل الحال كان النكاح موقوفًا والنكاح الموقوف لا يفيد إباحة النظر إلى الفرج؛ فلذلك لم يقل يزوج له امرأة بماله حتى تختنه هكذا ذكره شيخ الإسلام: في شرحه (٢).

وذكر الإمام شمس الأئمة الحلواني: إنما لم يقل يزوج له امرأة بماله لأنا لا نتيقن بصحة نكاحه ما لم يتبين أمره؛ وكذلك لو فعل مع هذا كان مستقيمًا لأن الخنثى إن كان امرأة فهذا نظر الجنس إلى الجنس والنكاح لغو وإن كان ذكرًا فهو نظر المنكوحة إلى زوجها؛ وبعض مشائخنا قالوا إنما لم يقل محمد: ذلك لأن تلك المرأة تبقى معلقة إن لم يصل (٣) إليها؛ فإنه لا يمكن التفريق بينهما لأنه خنثى (٤) ولا يصل إلى حقها في الجماع بل يؤجل كذا في الذخيرة (٥).


(١) ذهب الحنفية إلى أن الخنثى إن زوجه أبوه رجلا فوصل إليه جاز، وكذلك إن زوجه امرأة فوصل إليها، وإلا أجل كالعنين. ينظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم/ ٣٨٢، ٣٨٣.
-ويرى المالكية، وهو المذهب لدى الشافعية أنه يمتنع النكاح في حقه من الجهتين، أي لا ينكح ولا ينكح، وفي رواية ابن المنذر عن الشافعي ينكح بأيهما شاء، ثم لا ينقل عما اختاره، قال العقباني: ولعله يريد: إذا اختار واحدا، وفعله، أما مجرد الاختيار دون فعل فلا ينبغي أن يمنعه من اختيار الطرف الآخر. ينظر: مواهب الجليل ٦/ ٤٣٢، والقليوبي ٣/ ٢٤٤، ونهاية المحتاج ٦/ ٣١١، والأشباه والنظائر للسيوطي/ ٢٤٥.
-واختلف الحنابلة في نكاحه: فذكر الخرقي: أنه يرجع إلى قوله، فإن ذكر أنه رجل، وأنه يميل طبعه إلى نكاح النساء، فله نكاحهن، إن ذكر أنه امرأة يميل طبعها إلى الرجال زوج رجلا، لأنه معنى لا يتوصل إليه إلا من جهته، وليس فيه إيجاب حق على غيره، فيقبل قوله فيه، كما يقبل قول المرأة في حيضتها وعدتها، وقد يعرف نفسه بميل طبعه إلى أحد الصنفين وشهوته له.
وقال أبو بكر: لا يجوز أن يتزوج حتى يبين أمره. وأورده نصا عن أحمد، وذلك لأنه لم يتحقق وجود ما يبيح له النكاح، فلم يبح له كما لو اشتبهت عليه أخته بنسوة، ولأنه قد اشتبه المباح بالمحظور في حقه فحرم. ينظر: المغني ٦/ ٦٧٧، و ٦٧٨، وكشاف القناع ٥/ ٩٠.
(٢) ينظر: المبسوط (٣٠/ ١١٠)، العناية (١٠/ ٥١٨، ٥١٩)، غمز عيون البصائر (٣/ ٣٧٩)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤٣٩).
(٣) في (ب): يقبل؛ وما أثبت من (أ) و (ج) هو الصواب.
(٤) في (أ): صبي؛ وما أثبت من (ب) و (ج) هو الصواب.
(٥) ينظر: تكملة البحر الرائق (٨/ ٥٤٠)، الفتاوى الهندية (٦/ ٤٣٩).