للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقِرَاءَةُ مُخَالِفَةٌ لِسَائِرِ الْأَرْكَانِ، فَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِسَائِرِ الْأَرْكَانِ؛ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، عَلَى مَا مَرَّ/ كَذَا فِي " الْمَبْسُوطِ " (١)، وَ"الأسرار".

فَإِنْ قُلْتَ: التَّعْلِيلُ بِمَعْنَى التَّدْبِيرِ، وَالتَّفَكُّرِ؛ إِنَّمَا يَصِحُّ فِي صَلَاةٍ يَجْهَرُ فِيهَا، وَالْخِلَافُ ثَابِتٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ؛ فِي صَلَاةٍ يُخَافِتُ فِيهَا فَكَيْفَ تُوَحَّدُ (٢) هَذِهِ الْفَائِدَةُ؟

قُلْتُ: أَصْلُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرُ (٣) غَيْرُ غَالٍ عَلَى مَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (٤) فَالاسْتِمَاعُ وَاجِبٌ عَلَى ذَلِكَ؛ ثُمَّ أَمَرَ بِالْمُخَافَتَةِ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ قَطْعاً لِمُحَادَّاةِ (٥) الْمُنَافِقِينَ؛ فَبَقِيَ الْحُكْمُ عَلَى الأصل؛ وَلِأَنَّ الْإِنْصَاتَ يَجِبُ (٦) وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَهُ (٧) الاسْتِمَاعُ؛ إِذِ الْمَأْمُورُ بِهِ شَيْئَانِ؛ فَالْإِنْصَاتُ لَهُ مُمْكِنٌ بِدُونِ الاسْتِمَاعِ فَيَجِبُ مَا يُمْكِنُ (٨) كَذَا ذُكِرَ الْجَوَابُ فِي "الأسرار ".

وَذَكَرَ فِي " الْمُحِيطِ ": (الْقِرَاءَةُ مَا سَقَطَتْ عَنِ الْمُقْتَدِي؛ لِمَكَانِ الْإِنْصَاتِ لَكِنْ إِنَّمَا سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ جُعِلَتْ قِرَاءَةً لَهُ مَتَى شَارَكَ الْإِمَامُ فِي الْقِيَامِ؛ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ) (٩).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (وَيُسْتَحْسَنُ عَلَى سَبِيلِ الاحْتِيَاطِ فِيمَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ (١٠) (١١).


(١) "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢٠٠).
(٢) تفاوت رسمها في النسخة (أ) بين ما أثبت وبين (توجه) وفي النسخة (ب): (يوجد).
(٣) (الْجَهْرُ) ساقطة من (ب).
(٤) سورة الإسراء: من آية (١١٠).
(٥) في (ب): (لمخالفة).
(٦) في (ب): (يستحب).
(٧) (لَهُ) زيادة من (ب).
(٨) في (ب): (أمكن).
(٩) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٣٧٢).
(١٠) قال محمد بن الحسن في "الآثار" (١/ ١٠٩): (لا نرى القراءة خلف الإمام في شيء من الصلاة يجهر فيه أو لا يجهر فيه)، وقال في موضع آخر (١/ ١١٤): (لا ينبغي أن يقرأ خلف الإمام في شيء من الصلوات).
(١١) قال صاحب الهداية: (لكن حظ المقتدي الإنصات والاستماع قال عليه الصلاة والسلام " وإذا قرأ الإمام فأنصتوا" ويستحسن على سبيل الاحتياط فيما يروى عن محمد رحمه الله ويكره عندهما لما فيه من الوعيد). "الهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني" (١/ ٥٦).