للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال فخر الإسلام -رحمه الله- (١): إنما تركنا قول محمد؛ لأن ابتداء (٢) النفل غير مضمون قصدًا غير مشروع، وإنما شرع في حق الصبي والمعتوه (٣) لقصور عمدهما، ونقصان عزيمتهما، فإذا انتقص من عزيمة البالغ فيه بأن (٤) شرع فيه على نية أداء الواجب صار ملحقًا بهما حينئذ (٥).

قوله -رحمه الله-: لأنه مجتهد فيه؛ لأن عند زفر -رحمه الله- (٦) (٧) يجب القضاء على الظان (٨).

قوله: فاعتبر العارض عدمًا، أي: يجعل الظن عدمًا في حق المقتدي؛ لأنه عارض غير ممتد عرض بعد أن لم يكن بخلاف الصبي (٩). وقال الإمام التمرتاشي: وذلك لأن سقوط الضمان عن الإمام بظن عارض، فجعل كأن الضمان غير ساقط في حق المقتدي، فبقي اقتداء ضامن بضامن، أما الصبي فليس من أهل الضمان، فلا يمكن أن يجعل ضامنًا في حق المقتدي، فبقي اقتداء ضامن بغير ضامن، فكان فيه بناء القوى على الضعيف قال الحسن -رحمه الله- (١٠): وحقيقة اختلافهم راجعة في إمامة الصبي إلى أن صلاته صلاة أم ليست بصلاة؟ قيل: ليست هي بصلاة، وإنما يؤمر بها تخلفًا دل عليه لو صلت المراهقة (١١) بغير قناع جازت، وقيل: هي صلاة دل عليه لو قهقهت فيها أمرت (١٢) بالوضوء (١٣). (١٤)


(١) علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن مجاهد البزدوي، أبو الحسن، فخر الإسلام. فقيه، أصولي، محدث، مفسر. ولد في حدود سنة ٤٠٠ هـ وتوفي في ٥ رجب، ودفن بسمرقند.
من تصانيفه: المبسوط، شرح الجامع الكبير للشيباني في فروع الفقه الحنفي، كشف الأستار في التفسير، كنز الوصول إلى معرفة الأصول، وشرح الجامع الصحيح للبخاري.
ينظر: الطبقات السنية (ص ٢٣٨)، تاج التراجم ص ١٤)، معجم المؤلفين: ٧/ ١٩٢).
(٢) في (ب): اقتداء.
(٣) تعريف المعتوه: المعتوه من كان قليل الفهم مختلط الكلام فاسد التعبير ضعيف الرأي ناقص العقل. ينظر: التوقيف على مهمات التعاريف (١/ ٦٦٥)، التعريفات (١/ ٢٨٢).
(٤) في (ب): بأنه.
(٥) يُنْظَر: شرح فتح القدير: ١/ ٥١٣.
(٦) هو: زُفَر بن الهذيل بن قيس من بلعنبر، كنيته أبو الهذيل الكوفي، وكان من أصحاب أبي حَنِيفَةَ، يروي عن يحيى بن سعيد الأنصاري، روى عنه شداد بن حكيم البلخي، وأهل الكوفة، وكان زُفَر متقنًا حافظًا قليل الخطأ، وكان أقيس أصحابه وأكثرهم رجوعا إلى الحق إذا لاح له، ومات بالبصرة (١٥٨ هـ).
يُنْظَر: ثقات ابن حبان (٦/ ٣٣٩)، الجواهر المضية (١/ ٢٤٣)، وفيات الأعيان (٢/ ٣١٧).
(٧) يقول زفر: يجب القضاء على الظان إذا أفسد المظنون قاسه على المتفق عليه من الإحرام بنسك مظنون فإنه مضمون حتى إذا ظهر له أن لا نسك عليه كان إحرامه لازما للنفل والصدقة المظنون وجوبها إذا تبين أن لا شيء عليه ليس له أن يستردها من الفقير. ينظر: شرح فتح القدير (١/ ٣٥٨).
(٨) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٥٨.
(٩) يُنْظَر: شرح فتح القدير: ١/ ٣٥٩.
(١٠) هو: الحسن بن زياد اللؤلؤي الكوفي، أبو علي: قاض، فقيه، من أصحاب أبي حَنِيفَةَ، أخذ عنه وسمع منه، وكان عالما بمذهبه بالرأي. ولي القضاء بالكوفة سنة ١٩٤ هـ، ثُمَّ استعفى. نسبته إلى بيع اللؤلؤ. وهو من أهل الكوفة، نزل ببغداد، توفي سنة ٢٠٤ هـ. من كتبه: (أدب القاضي)، و (معاني الايمان)، و (النفقات)، و (الخراج)، و (الفرائض)، و (الوصايا)، و (الأمالي).
يُنْظَر: تاريخ بغداد (٧/ ٣١٤)، سِيَرُ أَعْلَامِ النُّبَلَاء (٩/ ٥٤٣)، الأَعْلَام للزركلي (٢/ ١٩١).
(١١) المراهقة: الفترة من بلوغ الحلم إلى سن الرشد. ينظر: المعجم الوسيط (١/ ٣٧٨).
(١٢) في (ب): أجزأت.
(١٣) يُنْظَر: شرح فتح القدير: ١/ ٣٥٩.
(١٤) هل القهقهة تنقض الوضوء: عند الأحناف القهقهة عامداً كان أو ناسياً تنقض الوضوء ويبطل التيمم كما يبطل الوضوء، ولا تبطل طهارة الاغتسال، وقد قيل: تبطل طهارة الأعضاء الأربعة، لهذا إن المغتسل في الصلاة إذا قهقه بطلت الصلاة، وجاز له أن يصلي بعده من غير وضوء جديد على القول الأول، وعلى القول الآخر: لا يجوز له أن يصلي بعده من غير وضوء جديد. وعند الشافعية: لَيْسَ فِي قَهْقَهَةِ مُصَلٍّ وُضُوءٌ، وعند المالكية: أجمع العلماء على أن القهقهة لا تنقض الوضوء وعند الحنابلة: لا تبطل الوضوء لما روى جابر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء" رواه الدارقطني.
ينظر: الفتاوى الهندية (١/ ١٣)، المحيط البرهاني (١/ ٥٧)، الحاوي (١/ ٢٠٢ - ٢٠٣)، الكافي (١/ ١٥١)، المغني (١/ ٢٠١).