للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحلام جمع الحلم بالضم، وهو ما يراه النائم يقول: منه حلم بالفتح، واحتلم ويقول: حلمت بكذا، وحلمته أيضًا كذا في «الصحاح» (١)، ولكن غالب استعماله (٢) فيما يراه النائم من دلالة البلوغ (٣)، فكان المراد هاهنا ليليني البالغون، وذكر في «الفائق» (٤): أمر معاذًا أن يأخذ من كل حالم دينارًا (٥)، قيل: المراد كل من بلغ وقت الحلم حلم أو لم يحلم.

قلت: فتفسير الحلم بالعقل كان غلطًا من وجهين، أحدهما: أن الثقات لم يفسروه به، والثاني: إثبات التكرار في الحديث لمعنى الفضل من غير فائدة؛ لأن النهي جمع نهية، وهي العقل، ثم وجه القياس في مسألة المحاذاة ظاهر، فإن المحاذاة لما لم توجب فساد صلاة/ المرأة (٦) لم توجب فساد صلاة الرجل؛ لأن المحاذاة فعل مشترك بينهما كما إذا وجدت المحاذاة في الصلاة، ولكنهما ليسا بمشتركين فيها، وكما في صلاة الجنازة، فأما وجه الاستحسان (٧)، وهو الذي ذهب إليه علماؤنا أن هذا ترك فرض ترتيب المقام، فيفسد صلاته كما إذا تقدم المقتدي إمامه، وإنما قلنا ذلك؛ لأن تأخير المرأة فرض على الرجل في الصلاة يشتركان فيها كما يفترض عليه أن يتأخر عن إمامه لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن رسول الله أنه قال: «أخروهن من حيث أخرهن الله» (٨)، فقد أمر الرجل بتأخيرها، والأمر يدل على الوجوب، ولا مكان يجب تأخيرها إلا في الصلاة، فإن قيل: هذا الخبر من أخبار الآحاد فكيف أثبتم به فرض ترتيب المقام، والفرض لا يثبت بخبر الواحد (٩).


(١) الصِّحَاح تاج اللغة وصحاح العربية تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري إمام فى علم اللغة؛ وخطّه يضرب به المثل فى الحسن، حقق كتاب الصِّحَاح أحمد عبد الغفور عطار وطبعته دار العلم للملايين في لبنان.
(٢) في (ب): غلب عليه.
(٣) تعريف البلوغ: البلوغ هو منتهى المرور ومثله الوصول غير أن في الوصول معنى الإتصال وليس كذلك البلوغ والبلوغ بالحلم قدر الشارع الاطلاع به إذ عنده يتم التجارب بتكامل القوى الجسمانية التي هي مراكب القوى العقلية والأحكام علقت بالبلوغ عام الخندق وأما قبل ذلك فكانت منوطة بالتمييز والْأَصْلَ في الْبُلُوغِ هو الِاحْتِلَامُ. ينظر: بدائع الصنائع (٧/ ١٧٢)، الكليات (١/ ٣٧٠).
(٤) الفائق في غريب الحديث، للعلامة جار الله أبي القاسم: محمود بن عمر الزمخشري، المتوفى: سنة ٥٣٨، ثمان وثلاثين وخمسمائة، أتمه في: شهر ربيع الآخر سنة ٥١٦، ست عشرة وخمسمائة، أوله: (الحمد لله فتق لسان الذبيح بالعربية البينة والخطاب الفصيح .. ). ينظر: كشف الظنون (٢/ ١٢١٧).
(٥) الدِّيْنَارُ فارسي مُعَرَّبٌ وأَصله دِنَّارٌ بالتشديد ودَنَّرَ وَجْهُه أَشرق وتلألأَ كالدِّينار. ينظر: المحكم والمحيط الأعظم (٩/ ٢٩٩)، لسان العرب (٤/ ٢٩٢).
(٦) تكررت الجملة (لم توجب فساد صلاة المرأة) في (أ) ثلاث مرات.
(٧) الاستحسان هو لغة عد الشيء واعتقاده حسنا وقيل هو طلب الأحسن من الأمور وقيل هو ترك القياس والأخذ بما هو أرفق للناس وهو اسم لدليل نصا كان أو إجماعا أو قياسا خفيا إذا وقع في مقابلة قياس جلي سبق إليه الفهم حتى يطلق على دليل إذا لم يقصد فيه تلك المقابلة. ينظر: الكليات (١/ ١٤٨)
(٨) سبق تخريجه.
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٦١.