للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما المسألة الأولى: فإنا لا نقول: بأن (١) السجدتين فصل في حق الخليفة بل هي فرض بوجود (٢) حد الفرض، فإن حده أنه إذا لم يأت به تفسد صلاته، وهذا كذلك؛ لأن الخليفة قائم مقام الأول، ولو كان الأول في مكانه كانت السجدتان فرضًا في حقه فكذا (٣) في حق الخليفة (٤).

وأما المسألة الثانية: قلنا: صلاة المقتدي أخذت حكم (٥) بسبب الاقتداء، ولهذا لزمه قضاء ما لم يدرك مع الإمام من الشفع الأول، وكذلك لو أفسد المقتدي الصلاة (٦) على نفسه يلزمه قضاء أربع ركعات، وإذا أخذت صلاة المقتدي حكم الفرض كانت (٧) القراءة نفلًا (٨) في حقه كما في حق الإمام، فكان هذا اقتداء المتنفل بالمتنفل في حق القراءة (٩).

وأما حديث معاذ فتأويله أنه (١٠) كان يصلي مع رسول الله عليه السلام بنية النفل ليتعلم منه سنة القراءة، ثم يأتي فيصلي بهم الفرض، وعلى هذا تغاير الفرضين عندنا يمنع صحة الاقتداء لما أن المشاركة تتقوى بالاقتداء، فتغاير الفرضين يمنع صحة المشاركة؛ لأن صلاة المقتدي مع صلاة الإمام صلاتان لا يجوز للمقتدي أن يبني إحديهما على تحريمة الأخرى بنفسه بأن كان منفردًا فلا يجوز له البناء على تحريمه الإمام، وقياسًا على مصلي الجمعة إذا اقتدى بالذي يصلي الظهر، وعلى القاري إذا اقتدى بالأمي، فإنه لا يصح؛ لأن المقتدى يبني صلاته على تحريمة الإمام فما أمكنه البناء بنفسه على تحريمته أمكنه بالاقتداء، وما لا فلا، كذا في المبسوطين (١١)؛ لأن الاقتداء بناء، وتفسير البناء هو أن يجعل التحريمتين تحريمة واحدة؛ لأن الاقتداء شركة أي في التحريمة، وموافقة أي: في الأفعال، ومن اقتدى بإمام، ثم علم أن إمامه محدث، وقيد بالعلم بعد الاقتداء، فإنه لو علم أن إمامه محدث قبل الاقتداء لا يجوز الاقتداء به بالإجماع بناء على ما تقدم، وهو أن الاقتداء عنده أداء على سبيل الموافقة من غير معنى التضمين (١٢).


(١) في (ب): أن
(٢) في (ب): لوجود
(٣) زيادة فرض من ب
(٤) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٣٠، والمحيط البرهاني: ٢/ ١٢٤.
(٥) ساقط من (ب). (مع زيادة الفرض)
(٦) في (ب): كالصلاة
(٧) في (ب): كان
(٨) ساقط من (ب).
(٩) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٢٤.
(١٠) ساقط من (ب).
(١١) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٢٤٩.
(١٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٧٢.