للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحتج الشافعي رحمه الله في جواز صلاة المقتدي إذا علم أن إمامه كان جنبًا أو محدثًا بعد الاقتداء بحديث أنس بن مالك رحمه الله قال: دخل رسول الله عليه السلام في صلاته فكبر وكبرنا معه، ثم أشار إلى القوم أن أمكثوا كما أنتم، فلم نزل قيامًا حتى أتى رسول الله عليه السلام قد اغتسل ورأسه يقطر ماء، فصلى بهم (١).

ولو لم يكن صلاتهم منعقدة لم يكلفهم استدامة القيام مع قوله عليه السلام: «لا تقوموا في الصف حتى تروني خرجت» (٢).

فدل أن عدم طهارة الإمام لا يمنع انعقاد صلاة المقتدي إذا لم يعلم بحال الإمام، ولأنه غير منسوب إلى التفريط بهذا (٣) الإتمام دليله (٤) ما لو ارتد الإمام بعدما صلى (٥)./ ولنا ما روي أن النبي عليه [السلام] (٦) صلى بأصحابه لم يذكر جنابة، وأعاد وأمرهم بالإعادة، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أيما رجل صلى بقوم ثم تذكر جنابة أعاد وأعادوا» (٧).

وتأويل ما تعلقوا من الخبر أنه كان في بدء الأمر قبل تعلق صلاة القوم بصلاة الإمام ألا ترى أن في الحديث جاء النبي عليه السلام وكبر ولم يأمرهم بإعادة التكبيرة (٨) فيكون القوم مصلين بصلاته بتكبير قبل تكبير الإمام، وهذا لا يصح بلا إشكال، ولأن محمد بن سيرين رحمه الله (٩) ذكر هذه القصة، وذكر أن النبي عليه السلام أومئ إليهم أن اقعدوا (١٠)، ولو انعقدت صلاتهم لم يأمرهم بالقعود، ويحتمل أن الأمر بالمكث كيلا يتفرقوا حتى مجيء رسول الله عليه السلام (١١).


(١) رواه البيهقي في سننه الكبرى (٣٨٧٥ - ٢/ ٣٩٩).
(٢) رواه الترمذي في سننه (٥٩٢)، كتاب أبوا السفر، باب كراهية أن ينتظر الناس الإمام وهو قيام، والنسائي في سننه (٦٨٦)، كتاب الأذان، باب إقامة المؤذن عند خروج الإمام، من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.
(٣) في (ب): بهذه
(٤) في (ب): كما بدل من دليله
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٧٤.
(٦) سقط في الأصل.
(٧) رواه عبد الرزاق في مصنفه (٣٦٦٠ - ٢/ ٣٥٠)، والدراقطني في سننه (١/ ٣٦٤) من حديث ابن المسيب. قال عنه الإمام الألباني: صحيح. يُنْظَر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٢/ ٣١٤).
(٨) سبق تخريجه.
(٩) هو: أبو بكر محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك، سمع ابن عمر وأبا هريرة وعمران بن حصين وابن الزبير وأنس بن مالك، روى عنه قتادة وخالد الحذاء وأيوب السختياني وعبد الله بن عون وغيرهم وإخوته يحيى ومعبد وأنس. وأختهم حفصة. روى عنهم الحديث، قال السري بن يحيى: مات الحسن سنة عشر ومائة قبل ابن سيرين بمائة يوم.
ينظر: ثقات ابن حبان: ٥/ ٣٤٨)، و (التاريخ الكبير: ١/ ٩٠).
(١٠) سبق تخريجه ص (١٦٣).
(١١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٧٤.