للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: ذكر أبو حازم (١) أنه على (٢) قياس قول أبي حنيفة رحمه الله لا يجوز صلاته، وهو قول مالك رحمه الله، وبعد التسليم قلنا: لم يظهر هناك رغبة في أداء الصلاة بالجماعة فلا يعتبر وجوده في حق الأمي بخلاف ما نحن فيه.

والطريق الثاني: أن افتتاح الكل قد صح لأنه أوان التكبير، والأمي قادر عليه كالقارئ فبصحة الاقتداء صار الأمي متحملًا (٣) فرض القراءة عن القارئ، ثم جاء أوان القراءة، وهو عاجز عن الوفاء بما يحمل فتفسد صلاته، وبفساد صلاته تفسد صلاة القوم بخلاف سائر الأعذار فإنها قائمة عند الافتتاح ولا يصح اقتداء من لا عذر له بصاحب العذر ابتداء، فإن قيل: لو اقتدى القاري بالأمي بنية النفل لا يلزمه القضاء، ولو صح شروعه في الابتداء للزمه القضاء قلنا: إنما لا يلزمه (٤) القضاء؛ لأنه صار شارعًا في صلاة لا قراءة فيها، والشروع كالنذر، ولو نذر صلاة بغير قراءة لا يلزمه شيء إلا في رواية عن أبي يوسف. فكذلك إذا شرع فيها، كذا في «المبسوط» (٥).

وذكر الإمام التمرتاشي: ويجب أن لا يترك الأمي اجتهاده في آناء ليله ونهاره حتى يتعلم مقدار ما يجوز به صلاته، فإن قصر لم يعذر عند الله تعالى، ولم يمر بي تعذر (٦) القيام بالقراءة، وسألت عنها ظهير الدين (٧) فقال: لا يتعذر (٨) بها، وفي حق اللاحق ذكر في «الشافي» (٩) كذلك (١٠).


(١) هو: أبو حازم اسمه سلمة بن دينار، مولى الأسود بن سفيان المخزومي، من أهل المدينة، وقد قيل: إنه مولى بنى ليث بكر بن عبد مناة. كان أشقر أحول أصله من فارس، وكانت أمه رومية، وكان قاض أهل المدينة من عبادهم وزهادهم. بعث إليه سليمان بن عبد الملك بالزهري أن يأتي، فقال له الزهرى: أجب الأمير، وقال أبو حازم: وما لي إليه حاجة، فإن كان له حاجة فليأتني. يروي عن سهل بن سعد، روى عنه مالك، والثوري. مات سنة خمس وثلاثين ومائة، وقد قيل: سنة أربعين ومائة.
ينظر: ثقات ابن حبان (٤/ ٣١٦)، و (التاريخ الكبير: ٤/ ٧٨)، و (الجرح والتعديل: ٤/ ١٥٩).
(٢) ساقط من (ب).
(٣) في (ب): محتملاً
(٤) في (ب): يلزمه
(٥) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣٣٢.
(٦) في (ب): يقدر
(٧) هو: علي بن عبد العزيز المرغيناني الإمام أبو الحسن ظهير الدين، مات يوم الثلاثاء تاسع رجب سنة ست وخمس مائة قبل الزوال وهو أستاذ العلامة فخر الدين قاضي خان، وهو أحد الأخوة الفضلاء الستة.
(سير أعلام النبلاء: ٢١/ ٢٣٢)، (الجواهر المضية: ١/ ٣٦٤)، و (معجم المؤلفين: ٧/ ١٢٣).
(٨) في (ب): لايتقدر.
(٩) كتاب الشافي لأحمد بن مُحَمَّد بن أحمد، أبو العباس الجرجاني جزء من الْكِتَاب موجود في الأزهرية كتب ٦٢٠ هـ، يُنْظَر: الأَعْلَام للزركلي (١/ ٢١٤).
(١٠) يُنْظَر: الفتاوى الهندية: ١/ ٨٦.