للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بكر رحمه الله: يكره للإمام أن يردد فيلجئ القوم إلى أن يفتحوا عليه إذا كان قرأ مقدار ما يتعلق به الجواز، ولكن يركع وصاحب المحيط، وقاضي خان رحمه الله ذكرا بنحو ما ذكره بكر رحمه الله (١).

ولو أجاب المصلي رجلًا بلا إله إلا الله، فهذا كلام مفسد، وصورة ذلك إذا قيل بين يدي المصلي: أمع الله إله آخر، فقال: لا إله إلا الله؛ يريد به جوابه، وإن أراد به إعلامه أنه في الصلاة لا تفسد صلاته عندهم، وعلى هذا الخلاف إذا وصف الله تعالى بوصف لا يليق به، فقال: سبحان الله يريد به الجواب، وإن أراد به إعلامهم أنه في الصلاة لا يفسد أو أخبر بخبر فسره، فقال: الحمد لله يريد به الجواب (٢). كذا في «الجامع الصغير» لقاضي خان.

وقول الشافعي مثل قول أبي يوسف رحمه الله فقالا: هذا تسبيح قصد به التنبيه، فلا يوجب فساد الصلاة قياسًا على ما لو سبح لإمامه، وقياسًا على ما لو قصد به الإعلام أنه في الصلاة، وقد استأذنه إنسان بالدخول عليه (٣)، وأصله ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: «إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة فليسبح، فإنما التسبيح للرجال والتصفيق للنساء» (٤).

وهذا قد سبح في حال ما نابه نائبة، فلا تفسد صلاته عملًا بهذا الظاهر، ولأن صيغة هذه الألفاظ للثناء على الله تعالى، وهو موجود (٥) في القرآن، ولم تجر العادة بين الناس في استعمال هذه الألفاظ للجواب بخلاف الاسترجاع، وتشميت العاطس؛ لأنه غلب استعمال هذه الألفاظ بين الناس للجواب في قوله: يرحمك الله خطاب للعاطس (٦).

وأما أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله احتجا بحديث معاوية بن الحكم (٧)، فإن تشميت العاطس لا شك أنه ذكر الله، لكن ألحقه النبي عليه السلام بكلام الناس حين قصد به خطاب العاطس دل أن ذكر الله تعالى متى قصد به خطاب الآدمي يلتحق بكلام الناس، وكلام الناس قاطع للصلاة، وليس كما لو أراد أعلام أنه في الصلاة، وقد استأذنه؛ لأن من مشايخنا من يقول: بأن القياس في هذا أن تفسد صلاته إلا أنا تركنا القياس بالأثر والمعدول به عن القياس لا يقاس عليه (٨). كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٩).


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٠١.
(٢) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٦، شرح فتح القدير: ١/ ٤٠١.
(٣) ينظر: الحاوي الكبير ٢/ ١٦٤، البيان ٢/ ٣١٢.
(٤) رواه الطبراني في المعجم الكبير (٥٧٤٩ – ٦/ ١٣٢) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.
(٥) في (ب): مأخوذ
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٠٢، وبدائع الصنائع: ١/ ٢٣٥.
(٧) سبق تخريجه.
(٨) انظر: أصول السرخسي ٢/ ١٥٠، كشف الأسرار ٢/ ٢٢٥.
(٩) يُنْظَر: المَبْسُوط للِسَّرَخْسِي: ١/ ٣١٢.