للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما عند العذر، فلا يكره كما في الجمعة فإن القوم يقومون على الرفوف (١)، والإمام على الأرض ولم ينكر أحد لضيق المكان (٢).

وحكى عن شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: الصلاة على المرفوف (٣) في الجامع (٤) من غير ضرورة مكروه، وعند الضرورة بأن امتلاء المسجد، فلا بأس به، وهكذا يحكى عن الفقيه أبي الليث رحمه الله (٥) في مسألة الطاق، فإنه إذا تحققت الضرورة بأن ضاق المسجد على القوم، والإمام يقوم في الطاق لا يكره (٦). كذا في الجامع المحبوبي، ولا بأس بأن يصلي إلى ظهر رجل قاعد يتحدث أما الصلاة إلى ظهر الرجل، فلما ذكر/ ولأن الصف الأول يصلون إلى ظهر الإمام، والصف الثاني إلى ظهر الصف الأول علم أنه لا بأس به إنما المكروه أن يصلي إلى وجه غيره لما روي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلًا يصلي إلى وجه غيره فعلاهما (٧) بالدرة، وقال للمصلي: أتستقبل الصورة في صلاتك؟ فقال للقاعد: أتستقبل المصلي بوجهك. علم أن ذلك حرام (٨).

ولو صلّى إلى وجه إنسان وبينهما ثالث ظهره إلى وجه المصلي لم يكره، ففي قوله: إلى ظهر رجل يتحدث أمارة (٩) إلى أنه لا بأس بأن يصلي، وإن كان يقر به قوم يتحدثون، ومن الناس من كره ذلك لما روي أن النبي عليه السلام: «نهى أن يصلي الرجل، وعنده قوم يتحدثون أو نائمون» (١٠)، وتأويل ذلك عندنا إذا رفعوا أصواتهم على وجه يخاف وقوع الغلط في الصلاة، وفي النائمين إذا كان يخاف أن يظهر صوت من النائم، فيضحك في صلاته، ويحجل النائم إذا انتبه، فإن لم يكن كذلك، فلا بأس به، والدليل على أنه لا يكره عند ذلك: ما روي أن أصحاب رسول الله عليه السلام كانوا يصلون، وبعضهم كانوا يقرءون، وبعضهم كانوا يتعلمون الفقه، وبعضهم كانوا يذكرون المواعظ، ولم يمنعهم عن ذلك رسول الله عليه السلام (١١) (١٢). كذا في «الجامع الصغير» لقاضي خان (١٣)، و «الفوائد الظهيرية».


(١) في (ب): الرفرف
(٢) يُنْظَر: المبسوط للشيباني: ١/ ١٩، ٢٠.
(٣) ساقط من (ب) (والإمام على الأرض ولم ينكر أحد لضيق المكان. وحكى عن شمس الأئمة الحلواني رح: الصلاة على المرفوف)
(٤) زيادة الصغير في ب
(٥) هو: نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الفقيه، أبو الليث المعروف بإمام الهدى، تفقه على الفقيه أبو جعفر الهندواني وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة، توفي ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين وثلاث مائة.
(سير أعلام النبلاء: ١٦/ ٣٢٢)، (الجواهر المضية: ٢/ ١٩٦)، و (الأعلام للزركلي: ٨/ ٢٧).
(٦) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٢.
(٧) في (ب): فولاهما.
(٨) يُنْظَر: بدائع الصنائع: ١/ ١٦٠.
(٩) في (ب): إشارة.
(١٠) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٦٥٢٨ - ٢/ ٢٥٧)
(١١) المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة (٤/ ٤٨٣) قال عنه الإمام الألباني: ضعيف.
(١٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٤.
(١٣) يُنْظَر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ١/ ٨٦.