للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله رحمه الله: وإذا كان التمثال مقطوع الرأس، أي: ممحو الرأس إنما فسره بهذا لئلا يتوهم أن لو قطع رأسه يخيط من الحلقوم ورأسه ظاهر، فإن الكراهة فيه باقية أيضًا؛ لان من الطير ما هو مطوق، فلما محي رأسه، وصار بحال لا ترى رأسه لا تكره؛ لأنه لا يعبد بلا رأس، فألحق هو (حينئذ) بصور الجمادات (١).

قوله رحمه الله: كما إذا صلى على شمع أو سراج على ما قالوا وإنما ذكر قوله على ما قالوا (٢): إيذانا بخلاف البعض.

وذكر الإمام التمرتاشي رحمه الله: واختلف فيمن صلى وبين يديه شمع أو سراج فقيل: يكره كما لو كان بين يديه كانون فيه جمر أو نار موقدة. والصحيح: أنه لا يكره؛ لأن السراج أو الشمع لا يعبده أحد (٣).

وعن ظهير الدين: الأصل أن كل ما يقع تشبها بهم فيما يعظمونه يكره الاستقبال في الصلاة إليه، وهم يعبدون الجمر بدون الضرام إلا أن الاستقبال إلى الضرام يكره؛ لأنه لا ينفك عن الجمر، وقالوا أيضًا: يكره الصلاة إلى تنور مفتوح الرأس فيه نارًا، وعلى بساط مفروش لا يكره (٤). قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: وقد ذكره (٥) بعض المتأخرين التمثال على البسني الكبير من الوسائد التي وضع في صدر المجلس عليها ليجلس عليها؛ لأن ذلك في معنى الإزار فيكره الجلوس عليها، ويحكى عن الحسن البصري وعطاء (٦) أنهما دخلا بيتًا فيه بساط عليه تصاوير فوقف عطاء وجلس الحسن، وقال: تعظيم الصورة في ترك الجلوس عليها ثم خلفه (٧).

وإن كانت الصورة تحت رجليه فهو أيسر، وفي شرح عتاب رحمه الله فإن كانت خلفه أو تحت رجليه لا تكره الصلاة، ولكن يكره كراهة جعل الصورة في البيت للحديث: «أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب أو صورة» (٨)، فيجب تنزيه مكان الصلاة عما يمنع دخول الملائكة (٩).


(١) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٦.
(٢) مكرر في (أ) (وإنما ذكر قوله على ما قالوا)
(٣) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٦، وحاشية ابن عابدين: ١/ ٦٥٢.
(٤) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين: ١/ ٦٥٢.
(٥) في (ب): كره
(٦) هو: عطاء بن أبى رباح القرشي، مولى أبى خثيم الفهري، واسم أبى رباح أسلم، كنيته أبو محمد مولده بالجند من اليمن، ونشأ بمكة وكان أسود أعور أشل أعرج، ثم عمى في آخر عمره، وكان من سادات التابعين فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلًا لم يكن له فراش إلا المسجد الحرام إلى أن مات سنة أربع عشرة ومائة، وقد قيل: إنه مات سنة خمس عشرة ومائة وكان مولده سنة سبع وعشرين.
(ثقات ابن حبان: ٥/ ١٩٨)، و (التاريخ الكبير: ٦/ ٤٦٣)، و (الجرح والتعديل: ٦/ ٣٣٠).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٦.
(٨) سبق تخريجه.
(٩) يُنْظَر: حاشية ابن عابدين: ١/ ٦٤٩.