للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويستوي جميع أنواع الحيات هو الصحيح هذا احتراز عن قول الفقيه (١) أبي جعفر رحمه الله، فإنه يقول: الحيات على نوعين منها ما يكون من سواكن البيوت، وهي جنية، ومنها ما لا يكون فيها، والجني صورتها بيضاء لها ضفيرتان تمشي مستوية، فلا يباح قتلها، فلذلك لم يذكر في «الجامع الصغير» قتل الحية، وإنما ذكرها في كتاب الصلاة (٢).

وفي قوله عليه السلام: «اقتلوا الأسودين» (٣) إشارة إلى هذا وأيده قوله عليه السلام: «إياكم والحية البيضاء فإنها من الجن» (٤) (٥).

وفي غير الصلاة على قوله: لا يحل قتله إلا بعد الإنذار، والإنذار بأن يقال: خل طريق المسلمين، فإن أبى فحينئذ تقتله وغير الجني/ ما كان يضرب لونه إلى السواد، وفي مشيته التواء، والإمام الطحاوي رحمه الله يقول: إنه فاسد (٦) من قبل: أن النبي عليه السلام أخذ على الجن العهود والمواثيق بأن لا يظهر والآمنة في صورة الحية ولا يدخلوا بيوتهم، فإذا انقضوا العهد يباح قتلها (٧).

وقال الإمام القاضي خان رحمه الله: والأولى هو الأعذار رجاء العمل بالعهد (٨)، وقال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «الجامع الصغير» بما قاله الطحاوي فقال: والأصح عندنا أنه لا بأس بقتل جميع أنواع الحيات في الصلاة، إنا ما سالمناهن مذ حاربناهن، وكذا قاله عليه السلام يريد به قصة آدم عليه السلام حين أعانت الحية إبليس على آدم، وقال عليه السلام: «لا أوى الله من آوى حية»، وقد عهد رسول الله عليه السلام مع الجن إلى آخر ما ذكرنا (٩). وذكر صدر الإسلام في «الجامع الصغير»، والصحيح: من الجواب أن يحتاط في قتل الحيات حتى لا يقتل جنيًّا، فإنهم يؤذونه أذى كثيرًا وعظيمًا، بل إذا رأى حية، وشك أنه جني يقول له: خلي طريق المسلمين ومر، فإن مر تركه، فإن واحدًا من إخواني وهو أكبر سنًّا مني قتل حية كبيرة بنسف في دار لنا، فضربه الجن جعلوه زمنًا كان لا يتحرك رجلاه قريبًا من الشهر، ثم عالجناه وداويناه بإرضاء الجن حتى تركوه، فزال ما به، وهذا مما عاينته بعيني (١٠)، وفي «الجامع الصغير البرهاني» قالوا: إنما يُباح قتلها في الصلاة إذا مرت بين يديه، وخاف أن يؤذيه وإلا فيكره (١١).


(١) ساقط من (ب).
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٧.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: بدء الخلق، باب قول الله تعالى: {وبث فيها من كل دابة} [البقرة: ١٦٤] (٤/ ١٢٧) رقم الحديث: ٣٢٩٧، ومسلم في صحيحه، كتاب: السلام، باب قتل الحيات وغيرها (٤/ ١٧٥٢) رقم ٢٢٣. بلفظ: صحيح عن ابن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل الكلاب يقول: «اقتلوا الحيات والكلاب، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يلتمسان البصر، ويستسقطان الحبالى».
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٢/ ٨٢.
(٦) في (ب): (بأن هذا الفرق فاسد) بدل من (إنه فاسد من)
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٧.
(٨) يُنْظَر: تبيين الحقائق: ١/ ١٦٦.
(٩) يُنْظَر: الجامع الصغير للكنوي: ١/ ١٠٠، وتبيين الحقائق: ١/ ١٦٦.
(١٠) يُنْظَر: البحر الرائق: ٢/ ٣٢.
(١١) يُنْظَر: البحر الرائق: ٢/ ٣٣.