للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كره بعضهم في غير الصلاة عرفنا أنه مكروه في الصلاة، وعن أبي يوسف/ في «الأمالي»: أنه لا باس بذلك في التطوع، واستدل بحديث صلاة التسبيح (١). وقال فخر الإسلام: وقد دخل النبي عليه السلام على بعض الصحابيات وهي تسبح بالنواة، فقال: «ألا أعلمك خيرًا من هذا سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته» (٢).

وقال مشايخنا: لم ينهها عن ذلك إنما أرشدها إلى ما يكثر به العدد، قال مشايخنا: فالصواب أن لا ينهى الضعفاء عن عد النواة، فذلك أسكن للقلوب، قال مشايخنا: فإن احتاج المرء إلى العد عده إشارة لا إفصاحًا، ويعمل المضطر بقولهما (٣).

قوله: والعمل بما جاءت به السنة، وهي صلاة التسبيح من تسبيحاتها عشرًا عشرًا (٤) في الأركان على ما هو المعروف، وقد لا يتهيأ له العد إلا بأصابعه، فيجوز له العد بالأصابع ضرورة العمل بما جاءت به السنة في صلاة التسبيح، وعن النبي عليه السلام قال للنسوة: «اعقدن بالأنامل فإنهن مسئولات مستنطقات» (٥) كذا ذكر المحبوبي رحمه الله، والله أعلم (٦).

فصل

لما ذكر مسائل الكراهة المخصوصة بالصلاة اتبعها ذكر مسائل الكراهة التي هي خارج الصلاة، لكن يتعلق إما بحال المصلي، أو بمكانه، فلذلك فصل ورتب عليه لوجود معنى الفصل والترتيب عليه.

قوله رحمه الله: ويكره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء.

وهذه المسألة من خواص مسائل «الجامع الصغير» الخلاء الممدود بيت التغوط، والمقصود (٧): النبت، ومنه الحديث: «ألا لا يختلي خلاها» (٨)، ثم كما يكره استقبال القبلة بالفرج كذلك يكره للمرأة أن تمسك ولدها نحوها ليبول، وهذا كله إذا كان ذاكرا للقبلة، ولو غفل عن ذلك، وجلس يقضي حاجته، ثم وجد نفسه كذلك، فلا بأس، لكن إن أمكنه الانحراف ينحرف، فإنه عد ذلك من موجبات الرحمة، فإن لم يفعل لم يكن به بأس، ويكره أن يدخل الخلاء، ومعه خاتم عليه اسم الله أو شيء من القرآن لما فيه من ترك التعظيم، فإن كان المكتوب من رقية أو غيرها في غلاف متجاف عنه لا يكره الدخول به في الخلاء مع الاحتراز عن مثله أفضل، وفي جميع العلوم لا يدخل الخلاء إلا مستوي الرأس، ولا يتنحنح ولا يبزق ولا يمتخط، ويكره الكلام عند الوطئ والخلاء، ويسكت إذا عطس، ويكره مد الرجلين إلى القبلة في النوم وغيره عمدًا، وكذلك إلى المصحف، وكتب الفقه، واختلفوا في الاستقبال للتطهير والإزالة، وفي الأجناس لا يكره الاستقبال حالة الاستنجاء والطهور، كذا ذكره الإمام التمرتاشي رحمه الله (٩).


(١) يُنْظَر: بدائع الصنائع: ١/ ٢١٦.
(٢) رواه مسلم في صحيحه (٢٧٢٦)، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التسبيح أول النهار وعند النوم، من حديث جويرية رضي الله عنها.
(٣) يُنْظَر: البحر الرائق: ٢/ ٣٢.
(٤) ساقط من (ب).
(٥) رواه أبو داود في سننه (١٥٠٣)، كتاب الوتر، باب التسبيح بالحصى، والترمذي في سننه (٣٥٨٣)، كتاب الدعوات، باب في فضل التسبيح والتهليل والتقديس. قال الإمام الألباني: حسن. انظر: صحيح الجامع الصغير وزيادته (٢/ ٧٥٣).
(٦) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٨.
(٧) ساقط من (ب).
(٨) رواه البخاري في صحيحه (١٢٨٤)، كتاب الجنائز، باب الإذخر والحشيش في القبر، والترمذي في سننه (١٣٦٦)، كتاب الحج، باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة.
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٩، المحيط البرهاني: ٥/ ١٥٤، والبحر الرائق: ٢/ ٣٦.