للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «الجامع الصغير» لفخر الإسلام: وعن أبي حنيفة رحمه الله في استدبارها روايتان، ومن الناس من لم ير بذلك كله بأسًا، ومنهم من كره ذلك كله، وقال الشافعي رحمه الله: إنما يكره في القضاء، وأما في الأكنة فلا (١)، وقد صح في حديث سلمان رضي الله عنه (٢): «نهى عن استقبال القبلة بالفرج لغائط أو بول» (٣)، وقد جاء في الحديث: أن من تحول عن القبلة بفرجه غفر له (٤).

وفي حديث ابن عمر، وأبي هريرة: أن النبي عليه السلام قال: «لا تستقبلوا القبلة لغائط أو بول، ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا» (٥) وهذا بالمدينة؛ لأن من شرق بها أو غرب لم يكن مستقبل القبلة (٦) ولا مستدبرا (٧). وذكر أخوه صدر الإسلام رحمه الله: أما الاستدبار فلا بأس به وبعضهم قالوا: إذا كان ذيله ساقطًا على الأرض فلا بأس بالاستدبار، وأما إذا كان رافعًا ذيله قالوا: ينبغي أن يكون مكروهًا؛ لأن عورته تكون إلى القبلة، وأما نهي النبي عليه السلام عن استدبارها مطلقًا عند الخلاء، كأنه قال ذلك في حق أهل المدينة؛ لأنهم إذا استدبروا صاروا متوجّهين (٨) إلى بيت المقدس فكره الاستدبار تعظيمًا لبيت المقدس أو أراد به أن يكون رافعًا ذيله (٩).


(١) يتظر: البيان ١/ ٢٠٦، فتح العزيز ١/ ٤٥٩.
(٢) في (ب): زيادة أنه
(٣) رواه أبو داود في سننه (٧)، كتاب الطهارة، باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، والترمذي في سننه (١٦)، كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالحجارة، والنسائي في سننه (٤١)، كتاب الطهارة، باب النهي عن الاكتفاء في الاستطابة. قال الإمام الألباني: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه مسلم، وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وصححه الترمذي والدارقطني. أما إسناد الحديث: ثنا مسدد بن مسرهد: ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان. وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ فقد احتج بمسدد بن مسرهد، وبقيةرواته متفق عليهم. والحديث أحرجه مسلم والنسائي والترمذي والدارقطني والبيهقي، وأحمد (٥/ ٤٣٩) كلهم عن أبي معاوية به. وأخرجه مسلم والنسائي والدارقطني، وكذا أبو عوانة في "صحيحه "، وابن ماجه، وأحمد (٥/ ٤٣٧ - ٤٣٨) من طرق أخرى عن الأعمش ومنصور عن إبراهيم به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". والدارقطني: " إسناد صحيح ". انظر: صحيح أبي داود - الأم (١/ ٣٠).
(٤) رواه مالك في الموطأ (٤٥٤ – ١/ ١٩٣)، والطبراني في المعجم الكبير (٣٩٣١ – ٤/ ١٤١). متفق عليه. انظر: صحيح البخاري (١/ ٨٨)، صحيح مسلم (١/ ٢٢٤). بلفظ: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا» قال أبو أيوب: " فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة، فننحرف عنها ونستغفر الله؟ قال: نعم.
(٥) رواه الدارقطني في سننه (١/ ٦١) بهذا الإسناد.
(٦) في (ب): الكعبة
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤١٩، ٤٢٠، وبدائع الصنائع: ٥/ ١٢٦.
(٨) في (ب): موجهين
(٩) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٢٠.