للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: لأن سطح المسجد له حكم المسجد؛ لأن حكم المسجد ثابت في الأرض والسقف والهواء جميعًا حتى يصح الاقتداء بمن (١) تحته أي: إذا كان خلفه، ولا يحل للجنب والحائض والنفساء الوقوف عليه؛ ولهذا لو حلف لا يدخل هذه الدار فقام على سطحها حنث (٢)، فإذا ثبت أن سطح المسجد من المسجد فيكره للجنب أن يدخل المسجد، وأن يكره اكتساب سبب الجنابة في المسجد أولى، ولأن تطهيره من النجاسات واجب، قال تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} (٣)، وقال عليه/ السلام: «إن المسجد لينزوي من النخامة كما ينزوي الجلدة من النار» (٤)، فإذا كان التنخم مكروهًا في المسجد، فالبول أولى؛ لأنه لم يأخذ حكم المسجد لعدم الخلوص حتى يباع ويورث، وإن ندبنا إليه، فإنه يستحب لكل إنسان أن يعدّ في بيته للصلاة مكانًا يصلي فيه النوافل والسنن، قال تعالى في قصة موسى: {وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} (٥)، وقال عليه السلام: «لا تتخذوا بيوتكم قبورًا» (٦)، وهو عبارة عن ترك الصلاة في البيت (٧).

وذكر شمس الأئمة السرخسي في «الجامع الصغير»: ولم يذكر كراهة البول، والمجامعة، والخلاء في المواضع (٨) المتخذة للصلاة على الجنازة، وقد قال بعض أصحابنا: إن ذلك يكره فيها كما في المساجد التي على القوارع وعند (٩) الحياض، والأصح: أنه ليس لهذا الموضع حرمة المسجد، فإنه لا بأس بإدخال البيت فيه مع أنا أمرنا بتجنيب المساجد الموتى، وما كان هذا إلا نظير الموضع المعدّ لصلاة العيد، وذلك لا يأخذ حكم المسجد، فهذا مثله، وأما المسجد الجامع فهو أعظم المساجد حرمة، والمساجد المبنية على القوارع لها حكم المسجد إلا أن الاعتكاف فيها لا يجوز؛ لأنه ليس لها إمام ومؤذن معلوم، وذكر صدر الشهيد في الفتاوى: والمختار للفتوى في المسجد الذي اتخذ لصلاة الجنازة والعيد أنه مسجد في حق جواز الاقتداء، وإن انفصل الصفوف رفقًا بالناس، وفيما عدا ذلك ليس له حكم المسجد، كذا ذكره الإمام المحبوبي (١٠). وفي «التفاريق»: لا تعتكف المرأة في بيتها في غير مسجد، ومعناه الموضع المعد للصلاة؛ لأنه يشبه المنع من الصلاة، وهو حرام قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (١١)، وروي عن النبي عليه السلام أنه قال: «يا معشر بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا يطوف بهذا البيت أي ساعة شاء من ليل أو نهار» (١٢).


(١) في (ب): لمن
(٢) في (ب): يحنث
(٣) سورة الحج الآية (٢٦).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (٧٥٥٠ - ٢/ ٣٦٦)، وعبد الرزاق في مصنفه (١٦٩١ - ١/ ٤٣٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال القاري: لم يوجد. انظر: كشف الخفاء (١/ ٢٨٧). وقال العراقي: لم أجد لَهُ أصلا. انظر:
تخريج أحاديث الإحياء = المغني عن حمل الأسفار (ص: ١٢٠).
(٥) سورة يونس الآية (٨٧).
(٦) رواه أبو داود في سننه (٢٠٤٤)، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وابن ماجه في سننه (١٣٧٧)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في التطوع. من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وقال الألباني: صحيح ينظر: صحيح الجامع الصحيح وزيادته (٧٢١٤ - ٢/ ١٢١٠).
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٢١، والبحر الرائق: ٢/ ٣٧.
(٨) في (ب): الموضع
(٩) ساقط من (ب).
(١٠) يُنْظَر: المحيط البرهاني: ٥/ ١٤٩، ودرر الحكام: ١/ ٤٩٠، والبحر الرائق: ٢/ ٣٩.
(١١) سورة البقرة الآية (١١٤).
(١٢) رواه أبو داود في سننه (١٨٩٦)، كتاب المناسك، باب الطواف بعد العصر. والترمذي في سننه (٨٦٨)، كتاب الصوم، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف. وابن ماجه في سننه (١٢٥٤)، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الرخصة بمكة في كل وقت. من حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه. وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم، وكذلك قال الحاكم والذهبي، وصححه الترمذي وابن حبان. ينظر: صحيح أبي داود، الأم ٦/ ١٤٣.