للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لكن لو قرأ بما ورد به الآثار أحيانًا يكون حسنًا، ولكن لا يواظب لما ذكرنا كذا في تحفة الفقهاء؛ لأن/ الحالة قد اختلفت، أي: من حقيقة القراءة إلى شبهة القراءة والتكبيرات شرعت عند اختلاف الحالات كالقيام والركوع والسجود، فإن قلت: التكبير لما شرع في الصلاة عند اختلاف الحالات من حيث الأفعال كالخفض والرفع لا من حيث الأقوال، وهو القياس بخلاف صلاة العيد؛ لأن تلك مخصوصة بها بالأثر حتى أنه لا يكبّر عند الانتقال من دعاء الاستفتاح إلى قراءة القرآن، وإن (١) اختلفت الحالات من الثناء إلى حقيقة القرآن (٢).

قلت: شرع رفع اليد في هذه الحالة بالحديث الذي ذكر، وهو قوله عليه السلام: «لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن» (٣)، وذكر منها القنوت، ورفع اليد لم يشرع في الصلاة بدون التكبير كما في تكبيرة الافتتاح، وتكبيرات العيدين، والمعنى فيه أن في التكبير مع رع اليد اعلماً لجنس المعذورين من الأصم والأعمى لما ذكرنا في بيان تكبيرة الافتتاح وذلك موجود (٤) هاهنا لما أن الاستمتاع والإنصات واجب عند القراءة، وليس بواجب حالة الدعاء، فإن المقتدي يدعو أيضًا كما يدعو الإمام، ولا يحصل ذلك إلا بالتكبير لإعلام الأعمى كما شرع لإعلام الأصم برفع اليد بالحديث بخلاف دعاء الاستفتاح، فإن قدرة معلوم لقلته، فلا يحتاج إلى زيادة الإعلام، وأما القراءة فقد تطول وتقصر، فكان محتاجًا إلى زيادة الإعلام كما في الخفض، والرفع، فافترقا (٥).

قوله: لقوله عليه السلام: «لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن» (٦).

وقد ذكرنا بيان المواضع السبعة في باب صفة الصلاة، فإن قلت: هذا الحديث يقتضي انحصار جواز رفع الأيدي في هذه المواضع السبعة؛ لأنه ذكر حرمة الرفع عامًا، ثم استثنى منه المواضع السبعة، فيبقى ما وراءها تحت عموم الحرمة ضرورة حتى أن أصحابنا استدلوا بهذا على حرمة رفع اليدين عند الركوع على ما ذكر في الكتاب في باب صفة الصلاة؛ لكونه مما وراء السبعة، ثم عمل الأمة على خلاف هذا فإنهم يرفعون أيديهم في مواضع الأدعية كلها، وإن لم يكن هي من تلك المواضع السبعة فما وجهه (٧).


(١) في (ب): وإذا
(٢) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٣، والبحر الرائق: ٢/ ٤٦.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٥٩٩٦ - ٤/ ٩٦)، والطبراني في المعجم الكبير (١٢٠٧٢ - ١١/ ٣٨٥)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الإمام الألباني: باطل بهذا اللفظ. رواه الطبراني في " المعجم الكبير: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة: نا محمد بن عمران بن أبي ليلى: حدثني أبي: نا ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا. قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن، فإنه سيء الحفظ. انظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (٣/ ١٦٦).
(٤) في (ب): مقصود
(٥) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٣٤.
(٦) سبق تخريجه.
(٧) يُنْظَر: العناية شرح الهداية: ١/ ٣٠٩.