للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: القول بوجوب الترتيب قول بزيادة شرط في جواز الصلاة، والقول بتعيين الفاتحة (١).

قوله: بزيادة الركن في الصلاة فجاز أن يثبت الشرط بخبر الواحد، ولا يثبت الركن به لانحطاط رتبة الشرط عن رتبة الركن، أو نقول: إن صيغة قوله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب صيغة يستعمل مثلها لنفي الكمال استعمالًا ظاهرًا كما في قوله لا فتى إلا علي، ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، ولا وضوء لمن لم يسم فيمكن أن يحمله (٢) / على نفي الكمال من حيث الوجوب، وأما الحديث الذي ذكر في الكتاب فيه بيان النهاية على ما روينا، ومثله لا يذكر إلا في مقصود لا يراد به غيره، فانحصر لذلك على ما يقتضيه ظاهر لفظ الحديث، وذلك نص على ما نحن عليه من المذهب، أو نقول: وهو الأصح من الجواب أنا لو قلنا: بوجوب تعيين الفاتحة على وجه يلزم فساد الصلاة بتركها يلزم نسخ الكتاب الذي يقتضي الجواز، وهو إطلاق قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (٣)، وذلك لا يجوز كما قلنا بجوز (٤) الوقتية مع التذكر عند ضيق الوقت؛ لئلا يلزم مثل هذا (٥).

وأما لو قلنا: بوجوب الترتيب عند سعة الوقت على وجه يلزم فساد الوقتية لا يلزم نسخ الكتاب بأن كان عملًا بخبر الواحد، والكتاب كما أشار إليه شيخ الإسلام رحمه الله في «المبسوط» (٦)؛ لأن بذلك يتأخر حكم من ثبت بالكتاب، ولا تبطل فكان له ولاية التأخير بدون هذا، فلأن يثبت قوله (٧): لاشتغاله بقضاء الفائتة التي جعل خبر الواحد ذلك الوقت وقتًا لها أولى (٨)، وهذا أوفق للأصول، وأليق بالمعقول، فكان أوجب بالقبول، وكان هذا عين نظير من صلى المغرب في طريق المزدلفة في وقت المغرب (٩) يؤمر بالإعادة عندهما خلافًا لأبي يوسف رحمه الله، وإذا طلع الفجر لا يؤمر بالاتفاق لما أنه لو قلنا: بالإعادة بعد طلوع الفجر يلزم نسخ الكتاب بخبر الواحد بخلاف ما قبل الطلوع لما عرف (١٠).


(١) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٨٦.
(٢) - في ب يحمل بدل من يحمله
(٣) سورة المزمل الآية (٢٠).
(٤) - في ب بجواز بدل من بجوز
(٥) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٨٥، ٤٨٦.
(٦) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٤٨.
(٧) - في ب فلا هو له بدل من فلأن يثبت له
(٨) - ساقط من ب (أولى)
(٩) - ساقط من ب (المغرب)
(١٠) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٤٨، وشرح فتح القدير: ١/ ٤٨٧.