للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: فَلْيُصَلِّ الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ لِيُصَلِّ الَّتِي ذَكَرَهَا.

الحديث (١) يصلح حجة لها على محمد في أنه لا يلزم من بطلان صفة الفرضية بطلان أصل الصلاة حيث أمره رسول الله عليه السلام بالمضي فيها (٢)، كذا في الفوائد الظهيرية (٣)؛ لأن الترتيب يسقط بضيق الوقت؛ لأن أداء الوقتية إنما يتأخر إلى ما بعد الفائتة إذا صار وقت التذكر وقتا للفائتة، وإذا ضاق الوقت لم يصر وقت التذكر وقتا للفائتة؛ لأن كون وقت التذكر وقتا للفائتة إنما كان بخبر الواحد، والعمل به إنما يجب إن لم يؤد ذلك إلى ترك العمل بالمتواتر، والمتواتر أوجب أداء الظهر في وقت الظهر، وهاهنا يؤدي (٤) إليه على تقدير العمل بخبر الواحد فلذلك لم يصر وقت التذكر حال ضيق الوقت وقتا للفائتة (٥).

وفي «الجامع الصغير» لقاضي خان (٦): ويعتبر ضيق الوقت عند الشروع حتى لو شرع مع تذكر الفائتة في أول الوقت، وأطال القراءة حتى ضاق الوقت لا يجوز إلا أن يقطع فيشرع عند ضيق الوقت، وكذلك إذا كثرت الفوائت، فإن لو جعلنا وقت التذكر وقتًا للفائتة مع كثرة الفوائت، وأمرنا بتقديم الفوائت الكثيرة على الوقتية يؤدي العمل بخبر الواحد إلى ترك العمل بالمتواتر على ما ذكرنا، فلذلك سقط اعتبار الترتيب عند كثرة في الفوائت، ووجب اعتباره عند قلة الفوائت، ثم احتجنا إلى الحد الفاصل بين القليل والكثير، فجعلنا الحد بينهما دخول الفوائت في حد التكرار؛ لأن التكرار دليل الكثرة، وإنما يدخل في حد التكرار إذا صارت الفوائت ستًّا، وكان هذا نظير مسألة الإغماء حيث ورد الحديث بالقضاء في القليل، وبعدمه في الكثير، فحد الكثير هناك بالسادسة، فكذا هنا كذا في مبسوط شيخ الإسلام (٧).

وأما النسيان فالحديث غير متعرض له، بل تعرض لضده فكان هو داخلًا تحت الحكم الثابت بالكتاب، وخبر المتواتر من كل وجه، فلذلك جازت الوقتية قبل أداء الفائتة في حالة النسيان، وإن لم يضق الوقت، وقلة الفوائت. وفي «المحيط» (٨): روي أن رسول الله عليه السلام خرج يومًا ليصلح بين حيين فنسي صلاة العصر، وصلى المغرب بأصحابه، ثم قال لأصحابه: «هل رأيتموني صليت العصر؟ فقالوا: لا، فصلى العصر، ولم يُعد المغرب» (٩).


(١) - في ب وهذا الحديث بدل من الحديث
(٢) سبق تخريجه.
(٣) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٨٦.
(٤) - ساقط من ب (ذلك إلى ترك العمل بالمتواتر، والمتواتر أوجب أداء الظهر في وقت الظهر، وهاهنا يؤدي)
(٥) انظر: بدائع الصنائع: ١/ ١٣١.
(٦) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٨٨.
(٧) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢٨٢.
(٨) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٣٤.
(٩) أخرجه أحمد في مسنده (١٧٠١٦ – ٤/ ١٠٦)، والبيهقي في سننه الكبرى (٣٣١٦ – ٢/ ٢٢٠). قال شعيب الأرناؤوط: حديث منكر تفرد به ابن لهيعة وهو سيئ الحفظ.