للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قدم الفائتة جاز، أي: قدم الفائتة حال ضيق الوقت يجوز الفائتة؛ لأن النهي عن تقديمها لمعنى في غيره، أي: لمعنى في غير الفرض الفائت (١)؛ لأن النهي عن تقديم الفائتة حال ضيق الوقت لمعنًى في غير المنهي عنه أو لمعنى في غير الفرض الفائت، وهو أداء الوقتية في وقتها، وبهذا التأويل ذكر الضمير في غيره مع أنه راجع إلى الفائتة معنى حتى أنث في قوله عن تقديمها بخلاف ما إذا قدم الوقتية على الفائتة حيث لا يجوز عند سعة الوقت (٢)، وقلة الفوائت؛ لأنه/ أداها قبل وقتها، أي: أدّى الوقتية قبل وقت الوقتية الذي ثبت ذلك الوقت لها بالحديث، وهو واجب العمل، وكان المنهي من أداء الوقتية قبل الفائتة لمعنًى راجع إلى تعيين الوقتية، وهو أن يقدم الصلاة على وقتها فلذلك أثر في عدم الجواز (٣)، وأوضح هذا المعنى في «المبسوط» (٤)، فقال: لو بدأ بالفائتة أجزأه بخلاف الأول، فإن هناك هو مأمور بالبداية بالفائتة، ولو بدأ بفرض الوقت لم يجزه؛ لأن النهي عن البداية بفرض الوقت هناك لمعنى في عينها ألا ترى أن له أن يبدأ بالتطوع؛ لانعدام المعنى الموجب للنهي، فمنع الجواز لهذا، وهاهنا النهي عن البداية بالفائتة ليس لمعنى في عينها، بل لما فيه من تفويت فرض الوقت ألا ترى أنه ينهى (٥) عن الاشتغال بالتطوع أيضًا لوجود ذلك المعنى الموجب للنهي، والنهي متى لم يكن لمعنى في عين المنهي عنه لا يمنع جوازه.

قوله رحمه الله: وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ، أي: عند قلة الفوائت بدليل قوله فيما بعده إلا أن يزيد الفوائت على ست صلوات، يعني: كما أن مراعاة الترتيب بين الفوائت، والصلاة الوقتية واجبة عند قلة الفوائت، فكذلك هي واجبة بين الفوائت نفسها عند قلته لما روي: أن النبي عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الخندق، فقضاهن بعد هوى من الليل مرتبًا (٦). ثم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (٧)، فوقع التشبيه على أصله، ووصفه، فدل أن أدائها بوصف الترتيب شرط، ثم قيل: ولم يقل النبي عليه السلام كما صليت، بل قال: «كما رأيتموني أصلي» (٨)؛ لأنه لا يمكن لأحد أن يصلي مثل صلاة رسول الله عليه السلام إلا أن يزيد الفوائت (٩) على ستة صلاة، وهذا مستثنى عن قوله: وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ رَتَّبَهَا فِي الْقَضَاءِ، يعني: يراعي الترتيب في قضاء الفوائت إلا أن يزيد الفوائت على ست صلوات، فحينئذ لا يجب مراعاة الترتيب فيما بين الفوائت، وتفسيره: أنه (١٠) إذا قضى فائتة، ثم فائتة وبينهما صلوات أُخَر، فإن كان مجموع الفوائت زائدًا على الست جازت الثانية وإلا فلا، وإنما شرطت الزيادة على الست؛ ليكون بين الفائتة التي يقضيها أولًا، وبين آخر صلاة قضاها ست صلوات فيصير نظير الوقتية؛ لأنه يشترط أن يكون بين الوقتية، وبين آخر صلاة أدائها في وقته ست صلوات (١١)، كذا وجدت بخط شيخي رحمه الله (١٢). وقيل في قوله: إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْفَوَائِتُ عَلَى سِتِّ صَلَوَاتٍ ظاهر هذا الكلام يقتضي أن تصير الفوائت سبعًا؛ لأنه ذكر الفوائت بلفظ الجمع، والزيادة غير المزيد عليه، والمزيد عليه ست، فيصير المجموع سبعة لكن معناه: إلا أن يصير الفوائت في نفسها زائدة على ست صلوات، والمراد من الصلوات أوقاتها، فإن فوت الصلاة السابعة ليس بشرط بالإجماع (١٣). (١٤).


(١) ساقط من ب (أي: لمعنى في غير الفرض الفائت).
(٢) في ب عند مع سعة الوقت بدل من عند سعة الوقت.
(٣) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٨٨.
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٢٨١.
(٥) - في ب تنهى بدل من ينهى
(٦) رواه البخاري في صحيحه (٤١١٢)، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب.
(٧) رواه البخاري في صحيحه (٦٣١)، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة. من حديث مالك -رضي الله عنه-.
(٨) سبق تخريجه.
(٩) - مكرر في ب (أن يزيد الفوائت)
(١٠) - ساقط من ب (أنه)
(١١) - ساقط من ب (فيصير نظير الوقتية؛ لأنه يشترط أن يكون بين الوقتية، وبين آخر صلاة أدائها في وقته ست صلوات)
(١٢) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٨٩، والجوهرة النيرة: ١/ ٦٧.
(١٣) - ساقط من ب (وقيل في قوله: إلا أن يزيد الفوائت على ست صلوات ظاهر هذا الكلام يقتضي أن تصير الفوائت سبعًا؛ لأنه ذكر الفوائت بلفظ الجمع، والزيادة غير المزيد عليه، والمزيد عليه ست، فيصير الجموع سبعة لكن معناه: إلا أن يصير الفوائت في نفسها زئدة على ست صلوات، والمراد من الصلوات أوقاتها، فإن فوت الصلاة السابعة ليس بشرط بالإجماع)
(١٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٤٩٠.