للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الحديث: فهو محمول على أنه عليه السلام إنما يفعل ذلك عمدًا لتبين أن القراءة مشروعة في الظهر والعصر، وعندنا لا يجب السهو متى (١) تعمد ذلك، ثم سوى بين الجهر، والمخافتة في رواية كتاب الصلاة، وفصّل الجواب في نوادر الصلاة، فقال: إن جهر فيما يخافت لزمه سجدتا السهو (٢) قلّ ذلك أو كثر، وإن خافّت فيما يجهر، فإن كان في أكثر الفاتحة، أو في ثلاث آيات من غير الفاتحة، أو آية قصيرة على مذهب أبي حنيفة رحمه الله يلزمه سجدتا السهو، وإلا فلا فقد فرّق بين الجهر والمخافتة، ووجه الفرق بينهما هو أن حكم الجهر فيما يخافت أغلظ من المخافتة فيما يجهر؛ لأن الصلاة التي يجهر فيها لها خط من المخافتة، فإنه يخافت بالقراءة في الأخريين، وكذلك المنفرد يخير في الصلاة التي يجهر فيها بخلاف الصلاة التي يخافت فيها في ذانك الحكمين، ثم اعتبر من الفاتحة أكثرها لما أنها، وإن كانت قرآنًا حقيقة، ولكن يقوم مقام الدعاء في الأخريين، ولو كانت دعاء على الحقيقة لما وجبت السجدة بتغيير صفتها كلها فوفرنا على الشبهين حظهما، كذا ذكره شيخ (٣) الإسلام رحمه الله (٤).

قوله: وَالْأَصَحُّ قَدْرُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ احتراز عن رواية (٥) نوادر الصلاة على ما ذكرنا، واحتراز أيضًا عن اختيار غيره (٦)، فإن قاضي خان اختار غير هذا، وقال في «الجامع الصغير» (٧): بعد ذكر ما يجب فيه سجدتا السهو، وكذا لو جهر، وهو إمام فيما يسّر فيه في الروايات الظاهرة أو خافت فيما يجهد قلّ ذلك أو كثر، وذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني رحمه الله ظاهر الجواب أن الجهر، والمخافتة سواء، وفي (٨) كل ذلك سهو، وإن كانت كلمة.

قوله: وَهَذَا فِي حَقِّ الْإِمَامِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ لِأَنَّ الْجَهْرَ وَالْمُخَافَتَةَ مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ (٩)، أي: وجوبهما (١٠)، فإن قلت: هذا الجواب في حق المنفرد في حق الصلاة التي يجهر فيها صحيح؛ لأنه لا يجب الجهر على المنفرد بل هو مخيّر بين الجهر والمخافتة، وأما في حق الصلاة التي يخافت فيها ينبغي أن يجب سجدة السهو بالجهر فيها؛ لأن المخافتة على المنفرد واجبة فيها كالإمام (١١).


(١) - في ب من بدل من متى
(٢) - ساقط من ب (السهو)
(٣) - في ب فجر بدل من الشيخ
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٠٨.
(٥) - في ب كتاب بدل من رواية
(٦) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٥٠٥.
(٧) انظر: الجامع الصغير وشرحه النافع: ١/ ٩٧.
(٨) -في ب في بدل من وفي
(٩) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٥.
(١٠) - في ب وجوبها بدل من وجوبهما
(١١) انظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٠٨.