للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: هذا الذي ذكره جواب ظاهر الرواية، وأما جواب رواية النوادر، فإنه يجب عليه سجدة السهو، وكذا ذكر الناطفي (١) في واقعاته (٢): رواية أبي مالك، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة رحمه الله: في المنفرد إذا جهر فيما يخافت أن عليه السهو لما ذكرنا، وأما وجه ظاهر الرواية إذا خافت فيما يجهر فظاهر؛ لأنه مخيّر بين الجهر والمخافتة، والتخيير بناء في الوجوب فكذلك إذا جهر فيما يخافت لم يترك واجبًا عليه؛ لأن المخافتة إنما وجبت لنفي المغالطة، وإنما يحتاج إلى هذا في صلاة يؤدي (٣) على سبيل الشهرة، والمنفرد يؤدي على سبيل الخفية، فلم يكن المخافتة واجبة عليه، كذا ذكر في «الذخيرة» (٤)، و «المحيط» (٥).

وسهو الإمام يوجب على المؤتم السجود لتقرر السبب الموجب في حق الأصل، وهو وجوب سجدة السهو في حق الإمام، والمتابعة على القوم لازمة حتى أن الإمام إذا تشهد، وقام من القعدة الأولى إلى الثالثة (٦)، فنسي بعض من خلفه التشهد حتى قاموا جميعًا، فعلى من لم يتشهد أن يعود، ويتشهد ثم يتبع إمامه (٧)، وإن خاف أن يفوته الركعة الثالثة؛ لأنه تبع لإمامه، فيلزمه أن يتشهد بطريق المتابعة، وهذا بخلاف المنفرد؛ لأن التشهد الأول في حقه سنة، وبعدما اشتغل بفرض القيام لا يعود إلى السنة، وهاهنا التشهد فرض عليه بحكم المتابعة، وهذا بخلاف ما إذا أدرك الإمام في السجود، فلم يسجد معه السجدتين، فإنه يقضي السجدة الثانية ما لم يخف فوت ركعة أخرى، فإذا خاف ذلك تركها؛ لأن هناك هو يقضي تلك الركعة بسجدتها فعليه أن يشتغل بإحراز الركعة الأخرى إذا خاف فوتها، وهاهنا لا يقضي هذا التشهد بعد هذا فعليه/ أن يأتي به ثم يتبع إمامه بمنزلة الذي نام خلف الإمام، ثم انتبه. كذا ذكر في نوادر الصلاة من «المبسوط» (٨)، فإن لم يسجد الإمام لم يسجد المؤتم؛ لأنه يصير مخالفًا (٩)، فإن قلت: يشكل على هذا المسائل التسع التي ذكرت في «الخلاصة»، والخزانة أنها إذا لم يفعلها الإمام يفعلها القوم إحديها إذا لم يرفع الإمام يديه عند تكبيرة الافتتاح يرفعهما (١٠) القوم، وإذا لم يبن الإمام فالمقتدي يبني، وكذلك ترك الإمام تكبير الركوع، وتسبيحه، وتسميعه، وتكثير الانحطاط، وقراءة التشهد، والتسليم، والتاسع: تكبير التشريق (١١).


(١) هو: أحمد بن محمد بن عمر أبو العباس الناطفي: فقيه حنفي، من أهل الري. نسبته إلى عمل الناطف. من كتبه: (الأجناس) في أوقاف بغداد، و (الفروق)، و (الروضة) في البلدية، و (الواقعات) و (الأحكام) فقه.
(الجواهر المضية: ١/ ١١٣)، و (الأعلام للزركلي: ١/ ٢١٣)، و (معجم المؤلفين: ٢/ ١٤٠).
(٢) النوادر: كتب لم ترو عنه بالشهرة التي رويت بها كتب ظاهر الرواية، ولذا سميت بالنوادر، وصارت في الرتبة الثانية. والواقعات: كتب مروية عن أبي يوسف، وزيد على ذلك فيما يعد أجوبة الفتاوى لحوادث لم توجد لها أجوبة، فيما نقل عن الأصحاب، وهي في الرتبة الثالثة، لأنها تخريجات لمشايخ المذهب. انظر: علم أصول الفقه وخلاصة تاريخ التشريع ص ٢٥٦، المدخل إلى دراسة المذاهب الفقهية ص ١٢٠.
(٣) - في ب تؤدي بدل من يؤدي
(٤) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٦.
(٥) انظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٥١.
(٦) - في ب الثانية بدل من الثالثة
(٧) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٦.
(٨) انظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٩٨.
(٩) انظر: العناية شرح الهداية: ١/ ٥٠٦.
(١٠) - في ب يرفع بدل من يرفعهما
(١١) انظر: شرح فتح القدير: ١/ ٤٨٤.