للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فيتخيّر) (١) أي: بين الإيماء قائمًا، وبين الإيماء قاعدًا على ما ذكرنا؛ لأنّه اشبه بالسجود؛ لأنّ عند الإيماء قاعدًا يصير رأسه أقرب إلى الأرض من الإيماء قائمًا، وعن هذا قلنا: بأنّ المومئ يجعل السجود أخفض من الركوع؛ لأنّ ذلك أشبه بالسجود. كذا في «المبسوط» (٢).

(أو (٣) يومئ إن لم يقدر) (٤)؛ لأنه بناء للأدنى على الأعلى، وهذا مخالف لما ذُكر في «فتاوى قاضي خان»، فقال: (رجل صلّى ركعة بقيام وركوع وسجود، ثم مرض مرضًا، وصار إلى حالة الإيماء فسدت صلاته في قول أبي حنيفة -رحمه الله-). ذكره في «النوادر»؛ لأنّ تحريمته انعقدت موجبة للركوع والسجود، فلا يجوز بدونهما (٥).

وقال محمد -رحمه الله-: (استقبل بناء على اختلافهم في الاقتداء، فإن في كلّ فصل جوّز الاقتداء، ثم [جوّز] (٦) بناء آخر الصلاة على أولها هاهنا، وما لا فلا)، ثم عند محمد كان لا يقتدي القائم بالقاعد، فكذا لا يبني في حق نفسه، وعندهما القائم يقتدي بالقاعد، فكذلك يبني في حق نفسه (٧).

فإن قلت: يُشكل هذا [إنما إذا] (٨) افتتح الصحيح التطوع قاعدًا، أو أدّى بعضها قاعدًا، ثم بدا له أن يقوم فقام وصلّى بعضها قائمًا أجزه بالإجماع، وليس فيه خلاف محمد مع (٩) أنّ اقتداء القائم بالقاعد لا يجوز عنده، وهاهنا جاز بناء آخر صلاته قائمًا على أوّل صلاته قاعدًا عنده أيضًا.

قلت: إنّ [المريض] (١٠) ما كان قادرًا على القيام وقت الشروع في الصلاة، فما انعقدت تحريمته للقيام، فأمّا في صلاة التطوّع كان قادرًا على القيام، فانعقدت تحريمته للقيام، فلو أنّه افتتح التطوّع قاعدًا، [فكلما] (١١) جاء أوان الركوع قام وقرأ ما بقي من القراءة وركع جاز، وهكذا ينبغي أن يفعل إذا صلّى التطوّع قاعدًا، وهكذا كان يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدلّ أن ذلك جائز في التطوع. كذا في «المحيط» (١٢).

استأنف عندهم جميعًا إلا على قول زفر -رحمه الله-، فإن عنده يبني لما مرّ من أصله أنه يجوز اقتداء الراكع بالمومئ، وعندنا لا يجوز، فكذا البناء في حق صلاة نفسه. كذا في «المحيط» (١٣).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية ١/ ٧٧.
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي ١/ ٣٩٢.
(٣) في (ب): "و".
(٤) ينظر: الهداية شرح البداية ١/ ٧٧.
(٥) ينظر: البحر الرائق ٢/ ١٢٦، تبيين الحقائق ٢/ ١٢٦.
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧.
(٨) في (ب): "بما".
(٩) [مع] ساقطة من (ب).
(١٠) في (ب): "في المرض".
(١١) في (أ) "فكما".
(١٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٧٦.
(١٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٢٨١.