للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والإعياء) لازم ومتعدّ، يقال: إعياء الرجل في المشي، أي: تعب، وأعياه الله (١) [أتعبه] (٢) كلاهما بالألف. كذا في «الصحاح» (٣).

[١٣٠/ أ] وفي قوله: (ومن افتتح التطوع قائمًا ثم أعيا) (٤) لازم، وقيل: لا يكره عند أبي حنيفة لأنه لو قعد عنده يجوز من غير عذر فكذا لا يكره الاتكاء، وبعضهم قالوا على قول أبي حنيفة: يجب أن يكره الاتكاء بخلاف القعود، فإنّه إذا قعد بعدما افتتح قائمًا لا يكره عنده، ووجه ذلك: أنّ في الابتداء هو مخيّر بين أن يفتتح التطوع قائمًا، وبين أن يفتتحه قاعدًا فيبقى (٥)./ [قلت: هذا الجواب لا يوافقه قوله: (وتجوز الصلاة عنده ولا يجوز عندهما).

وفي «الكافي» (٦): لكنا نقول لقول: لا يجوز، ويستلزم الكراهة، فاستقام وصفه به، وهذا وقوع] (٧).

هذا الخيار في الانتهاء من غير كراهة، وأمّا في حق الاتكاء فهو غير مخيّر في الابتداء بين أن يصلي متكئًا، وبين أن يُصلي غير متكئ، بل يكره له ذلك؛ لما فيه من سوء الأدب، وإظهار التجبّر، فكذلك في الانتهاء. كذا في «المحيط» (٨).

(فإن قعد بغير عذر يكره بالاتفاق) (٩)، فإن قيل: كيف يوصف هذا بالكراهة، وقد انعدم الجواز عندهما (١٠) لهذه الصلاة بسبب القعود ولا يوصف صلاة غير جائزة بالكراهية (١١)؟

جلوس المريض في الصلاةقلنا: المراد من هذا: أنّه لو صلى ركعة قائمًا، ثم قعد في الثانية (١٢)؛ ليقرأ لإعيائه، ثم قام وأتّم الثانية قائمًا، فإنّ هذه صلاة جائزة مع صفة الكراهة. كذا قاله الإمام مولانا حميد الدين الضرير (١٣) -رحمه الله- (١٤).


(١) [لفظ الجلالة] ساقط كتابة من (ب).
(٢) [أتعبه] ساقط من (أ).
(٣) (٦/ ٢٤٤٢ - مادة "عيى").
(٤) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٧.
(٥) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧، وبدائع الصنائع: ١/ ٢٩٧.
(٦) كتاب الكافي، للإمام الحافظ أبي البركات النسفي، (ت ٧١٠ هـ). ينظر: الجواهر المضية ٢/ ٤٤١، معجم المؤلفين ٦/ ٣٢.
(٧) ما بين المعكوفين ساقط من (ب).
(٨) ينظر: المحيط البرهاني: ٤/ ١٠٤.
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٧.
(١٠) في (ب): "عنهما".
(١١) في (ب): "بالكراهة".
(١٢) في (ب): "الثالثة".
(١٣) علي بن محمد بن علي، حميد الدين الضرير من أهل رامُش -بضم الميم- قرية من أعمال بخارى من علماء الحنفية، كان إمامًا فقيهًا أصوليًّا محدثًا متقنًا، تفقه على شمس الأئمة الكردري. وتفقه عليه جماعة منهم صاحب الكنز حافظ الدين النسفي. انتهت إليه رئاسة العلم بما وراء النهر. من تصانيفه: "الفوائد" حاشية على الهداية علقت على مواضع مشكلة؛ و"شرح المنظومة النسفية"، و"شرح الجامع الكبير". ينظر: الجواهر المضية: ١/ ٣٧٣، الفوائد البهية: ص ١٢٥.
(١٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧، ٨.