للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قوله: (بالاتفاق) (١) مخالف لما ذكره فخر الإسلام -رحمه الله- في «مبسوطه» فقال: لو قعد في النفل [من غير] (٢) عذر لا يكره في الصحيح عنده؛ لأن الابتداء على هذا الوجه مشروع من غير كراهة، فالبقاء (٣) أولى؛ لأنّ حكم الانتهاء أسهل من حكم الابتداء (٤)، ألا ترى أن الحدث يمنع ابتداء الصلاة، ولا يمنع البقاء، وإذا استطاع الرجل الخروج من السفينة للصلاة، فالمستحب له أن يخرج ويصلي على الأرض؛ لأنّ الصلاة على الأرض أكمل، والصلاة في (٥) السفينة أنقص؛ لأنّ الغالب من حال راكب السفينة دوران الرأس، واسوداد العين، ولكن مع ذلك لو صلّى فيها جاز؛ لحديث ابن سيرين (٦) -رحمه الله- قال: «صلينا مع أنس بن مالك - رضي الله عنه - (٧) في السفينة قعودًا ولو شئنا لخرجنا إلى الجُدّ» (٨). وقال مجاهد (٩): «صلينا مع جنادة بن أبي أمية (١٠) قعودًا في السفينة ولو شئنا لقمنا» (١١)، كذا في «المحيط» (١٢).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٧.
(٢) في (ب): "بغير".
(٣) في (ب): "فالبناء".
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٨.
(٥) في (ب): "على".
(٦) أبو بكر محمد بن سيرين مولى أنس بن مالك، سمع ابن عمر وأبا هريرة وعمران بن حصين وابن الزبير وأنس بن مالك، روى عنه قتادة وخالد الحذاء وأيوب السختياني وعبد الله بن عون وغيرهم وإخوته يحيى ومعبد وأنس. وأختهم حفصة. روى عنهم الحديث، مات سنة ١١٠ هـ.
ينظر: ثقات ابن حبان: ٥/ ٣٤٨، التاريخ الكبير: ١/ ٩٠، الإكمال: ١/ ٣٦٣، طبقات الفقهاء ص ٨٨.
(٧) أنس بن مالك بن النضر النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو ثمامة، أو أبو حمزة: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه. مولده بالمدينة وأسلم صغيرًا وخدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن قبض. ثم رحل إلى دمشق، ومنها إلى البصرة، فمات فيها سنة ٩٣ هـ. وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة. روى عنه رجال الحديث ٢٢٨٦ حديثًا. ينظر: الثقات لابن حبان: ٣/ ٤، الإصابة في تمييز الصحابة: ١/ ١٢٦، الطبقات الكبرى: ٧/ ١٧.
(٨) أخرجه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (٤/ ٢٨٠ - رقم ٦١٦٥، ٦١٦٧)، وقال: يحتمل أنهم كانوا يخافون الغرق، أو دوران الرأس والسقوط، لما روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الصلاة في السفينة؟ فقال: «صل فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق»، و «معرفة السنن والآثار» (٤/ ٢٨٠ - رقم ٦١٦٥).
(٩) مجاهد بن جبر، الإمام، شيخ القراء والمفسرين، أبو الحجاج المكي، الأسود، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، ويقال: مولى عبد الله بن السائب القارئ، ويقال: مولى قيس بن الحارث المخزومي روى عن ابن عباس، فأكثر وأطاب، وعنه أخذ القرآن، والتفسير، والفقه، قال عنه الحافظ في «التقريب»: ثقة إمام في التفسير وفي العلم. مات سنة إحدى ومئة، وهو ابن ثلاث وثمانين. ينظر: تهذيب الكمال: ٢٧/ ٢٢٨، سير أعلام النبلاء: ٤/ ٤٤٩.
(١٠) جنادة بن أبي أمية الأزدي، واسم أبي أمية كثير، وقال مجاهد: كان علينا جنادة في البحر ست سنين فخطبنا يومًا، ومات سنة ثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان. وأكثر حديثه عن المصريين والشاميين. ينظر: التاريخ الكبير: ٢/ ٢٣٢، الإصابة في تمييز الصحابة: ١/ ٥٠٢، الطبقات الكبرى: ٧/ ٤٣٩.
(١١) أخرجه البيهقي في «معرفة السنن والآثار» (٤/ ٢٨٠ - رقم ٦١٦٩)، وقال: فيه نظر، لما روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه سئل عن الصلاة في السفينة؟ فقال: «صل فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق»، و «معرفة السنن والآثار» (٤/ ٢٨٠ - رقم ٦١٦٥).
(١٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٤٢.