للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجه الاستحسان: هو أنّ الغالب من حال راكب السفينة دوران الرأس إذا قام، والحكم يُبنى على الغالب دون النادر، ألا ترى أن نوم المضطجع جعل حدثًا بناء على الغالب من [حاله أنه يخرج منه شيء لزوال الاستمساك، وسكوت البكر جعل رضاء لأجل الحياء بناء على الغالب من] (١) حال البكر، وكذلك المترفه في السفر له أن يفطر كصاحب المشقة؛ لأن مبنى أمر السفر على المشقة، فلم يعتبر ذلك الترفه في حق الترخص بالإفطار، وهذا مثله. كذا في «المحيط» (٢).

وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله-: وما رُوي عن ابن سيرين وحجة لأبي حنيفة -رحمه الله- وليست السفينة كالأرض، لأنّ كونه على الأرض لا يكون سببًا لدوران الرأس، والعجز عن القيام حتى يُقام مقام العجز. وطريقة أخرى لأبي حنيفة -رحمه الله- في هذه المسألة: أنّ السفينة تشبه الأرض من وجه، فإنّه يباح الجلوس عليها للقرار، ولهذا لم يجز أن يترك الركوع والسجود في التطوع، وإذا تلا آية السجدة مرتين يكفيه سجدة واحدة، وتشبه الدابة من وجه؛ لأنها تسير كالدابة فوفرنا على الشبهين حظهما، فلشبهها بالأرض لا يسقط الركوع والسجود، ولا استقبال القبلة، ولشبهها بالدابة يسقط القيام عملًا بالشبهين بقدر الإمكان (٣).

[١٣٠/ ب] [قوله] (٤): (والمربوطة كالشط هو/ الصحيح) (٥) احتراز عن قول بعضهم: بأنه أيضًا على الخلاف، ولكن الأصح: أنه لا يجوز فيه إلا قائمًا في قولهم، وكذا إذا كانت على الأرض هذا فيما إذا كانت مربوطة بالشط، وإن كانت موثقة باللنجر (٦)، (٧) في لجة البحر (٨) وهي تلعب، أي: تضطرب، قيل: يحتمل وجهين، والأصح: [أنّه] (٩) إن كان الريح تحركها تحريكًا شديدًا فهي كالسائرة، وإن حركتها قليلًا فهي كالواقفة. كذا ذكره الإمام التمرتاشي -رحمه الله- (١٠).


(١) ما بين المعكوفين ساقط من (ب).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٤٢، ١٤٣.
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٨، المحيط البرهاني: ٢/ ١٤٢.
(٤) [ساقط] من (ب).
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٨.
(٦) في (ب): "بالمنجر".
(٧) اللنجر: هو اسمٌ لمَرسى السُّفُن، واللنجر معرب لنكر، وهو المرساة. (تاج العروس: ١٤/ ٨٥ - مادة "لجر").
(٨) أي: معظمه. (لسان العرب: ٢/ ٣٥٣ - مادة "لجج").
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٨، ٩، والفتاوى الهندية: ١/ ١٤٤.