للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّا إذا أدرك الإمام في الركعة الأخرى لم يصر مدركًا للركعة التي قرأ فيها، فلم يصير مدركًا [لتلك] (١) القراءة، ولا لما تعلق بتلك القراءة من السجدة. كذا في «المحيط» (٢).

وأشار إلى هذا في الكتاب بقوله: (لأنّه صار مدركًا لها بإدراك تلك الركعة)، ونظير هذا ما لو أدرك الإمام في الركوع في الركعة الثالثة من الوتر في شهر رمضان يصير مدركًا للقنوت حتى لا يأتي بالقنوت في الركعة الأخيرة.

فإن قلت: يشكل على هذا ما لو أدرك الإمام في الركوع في صلاتي العيدين كان عليه أن يأتي بالتكبيرات، فلم يصير مدركًا لها بإدراك الركعة في الركوع، فما الفرق بينهما (٣)؟

[١٣٣/ أ] قلت: فإنه يمكنه أن يأتي بتكبيرات العيد في الركوع لما أنّ جنس تلك التكبيرات، وهي تكبيرة الركوع لمّا كان يؤتى بها في الركوع ألحق بها سائرها من التكبيرات فأتى بها، بخلاف سجدة التلاوة والقنوت، فصار الأصل/ في جنس هذه المسائل أنّ كل ما لا يمكنه أن يأتي به من فعل الركعة في الركوع كالتلاوة، وقنوت الوتر، فبإدراك الإمام في الركوع كان مدركًا لتلك الركعة، وما يتعلّق بها، وكلّ ما يمكنه أن يأتي به من فعل الركعة في الركوع كتكبيرات العيد، فبإدراك الإمام في الركوع من تلك الركعة لا يصير مدركًا له. إلى هذا أشار في «المحيط» (٤).

(وكل سجدة وجبت في الصلاة فلم يسجدها فيها ولم يقضها خارج الصلاة) (٥).

فإن قلت: ينتقض هذا الكل بما ذكر قبله، وهو: (وإن سمعوا وهم في الصلاة من رجل ليس [معهم] (٦) في الصلاة … إلى أن قال: وسجدوها بعدها)، فقد وجبت تلك السجدة [في الصلاة] (٧)، فلم يسجدوا فيها ويسجدون بعدها؟

قلت: نعم كذلك، ولكن يجب تقييد هذا الكل بقيد بأن يقال: وكل سجدة صلاتية واجبة في الصلاة لم يقض خارج الصلاة بدليل تعليل تلك المسألة بقولها؛ لأنها ليست بصلاتية، وإنما قلنا: إنها ليست بصلاتية؛ لأنّ المعنى من الصّلاتية هو أن يكون التلاوة من أفعال الصلاة على ما ذكرنا من «المحيط» (٨)، وقراءة من هو خارج الصلاة كيف يكون من أفعال الصلاة! ولكن ترك ذلك القيد لظهوره، وللاعتماد على درك الفهم تخفيّات الكلم، وإن دخل معه قبل أن يسجدها سجدها معه، ولا يُقال: ينبغي أن لا يتابعه؛ لأنّ ما وجب عليه من السجدة ليست بصلاتية، والسجدة متى لم تكن صلاتية لا يجوز أداؤها في الصلاة خصوصًا على رواية «النوادر» حيث تفسد الصلاة بها على ما ذكرنا؛ لأنّا نقول: تلك السجدة وإن لم تكن صلاتية، لكنّها صارت صلاتية بالاقتداء؛ لأن للاقتداء تأثيرًا في تصيير غير الواجب واجبًا، وتصيير الواجب غير واجب، ألا ترى أن القعدة على رأس الركعتين فريضة على المسافر، وبالاقتداء بالمقيم لم يبق فرضًا، وكذلك الرجل إذا تحرّم للأربع تطوّعًا يلزمه ركعتان لا غير، وهو (٩) إذا اقتدى بمن يصلي الظهر يلزمه الأربع حتى لو أفسدها يلزمه قضاء الأربع، وكذلك الآخر بأن يجبان (١٠) على المسافر بالاقتداء بالمقيم في الوقت. كذا في «الفوائد الظهيرية» (١١).


(١) [ساقط] من (ب).
(٢) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٩.
(٣) [بينهما] ساقط من (ب).
(٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٨.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٦) [ساقط] من (أ).
(٧) ما بين معكوفين ساقط من (أ).
(٨) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٨.
(٩) في (ب): "وهذا".
(١٠) في (ب): "يجب".
(١١) ينظر: شرح فتح القدير: ١/ ٥١٦.