للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولها مزية الصلاة فلا يتأدّى بالناقص) (١). وقال في «الجامع الكبير» لقاضي خان: إن الصلاتية أقوى؛ لأنّها وجبت بتلاوة تعلّق بها جواز الصلاة، ألا ترى أنّه لو ضحك في سجدة التلاوة في الصلاة ينتقض طهارته، ولو ضحك فيها خارج الصلاة لا ينتقض طهارته (٢).

(ومن تلا سجدة) (٣) أي: آية سجدة ولم يسجدها حتى دخل في صلاة، فأعادها وسجدها أجزأته السجدة عن التلاوة هذا إذا لم يتبدّل مجلس الصلاة عن مجلس التلاوة، فأمّا إذا تبدّل، فعليه لكل تلاوة سجدة، كما لو لم يدخل في الصلاة.

وفي «النوادر»: يسجد أخرى بعد الفراغ سواء سجد في الصلاة، أو لم يسجد، فوجهه أنه حين اشتغل بالصلاة تبدّل الحبس، كما لو اشتغل بالأكل، أو عمل آخر؛ لأنه لا يمكن جعل [الأولى تبعًا للثانية] (٤)؛ لأنّ السّابق لا يكون تبعًا للاحق، فإن إلحاق الأولى بالثانية أمر تروه القياس؛ لأنّ التكرار بالثانية يقع [لا] (٥) بالأولى، فكان القول به خلاف موضوع التداخل، ولا يمكن جعل الثانية تبعًا للأولى؛ لأنّه أقوى فكان فيه إبطال وصف زائد، فلذلك وجب اعتبار كل واحد سببًا كما لو تلاها في مجلسين (٦)، فالصلاتية تؤدّى في الصلاة، وغير الصلاتية -وهي الأولى- تؤدّى بعد الفراغ من الصلاة.

وجه ظاهر الرواية: هو أن السبب واحد، فإن المتلوّ آية واحدة، والمكان واحد؛ وذلك لأنّ المجلس في الأول مجلس التلاوة، وفي الصلاة تلاوة، فما دام في الصلاة كان مشتغلًا بالتلاوة، والثانية أكمل من الأولى؛ لأن لها حرمتين، ولو كانت مثل الأولى نابت عنهما، فإذا كانت أكمل أولى أن ينوب عنهما، والسّابق قد يكون تبعًا للاحق إذا كان اللاحق أقوى كالسُّنة قبل الفريضة، ولأن التكرار قام بهما، فكان إلحاق الأولى بالثانية ممكنًا. كذا في شروح «الجوامع» (٧)، (٨) و «المحيط» (٩).

(للثانية قوّة اتصال المقصود) (١٠)، وهو اتصال السجدة بالتلاوة، يعني: لمّا اقترنت التلاوة الثانية بالسجدة صارت راجحة على الأولى بعد مساواتهما فيما ذكر، وهو الصلاتية للثانية، والسبق للأولى؛ إذ كل منهما جهة في الترجيح فتعارضتا، ثم اتصّل بالثانية وصف اتصال المقصود، فترجحت على الأولى، فلذلك استتبعت/ الثانية الأولى؛ لأن الثانية عند اتصال المقصود صارت كفصل مجتهد اتصل القضاء به، فحينئذ يصير هو بمنزلة المجمع عليه في القوة، ثم دخل في الصلاة، فتلاها سجد لها؛ لأن التي وجبت للتلاوة في الصلاة صلاتية، فلا ينوب عنها المؤداة قبل الشروع في الصلاة؛ لأنّها أضعف. كذا في «المبسوط» (١١).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ١٨ - ٢١.
(٣) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٤) في (ب): "الثانية تبعًا للأولى".
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) في (ب): "مجلس".
(٧) في (ب): "الجامع".
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ٢٠.
(٩) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٤.
(١٠) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(١١) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٩، ٢٠.