للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٣٣/ ب] (لأن الثانية هي المستتبعة) (١) أي: الصلاتية يستتبع غير الصلاتية على كل حال، ثم هاهنا لا يمكن استتباعها؛ لأنه حينئذ يلزم أن يتقدم الحكم على السّبب، وذلك لأنّ معنى الاستتباع أن يجعل التلاوتان بمنزلة تلاوة واحدة، فلو جعلنا كذلك كان التلاوة (٢) الأولى تبعًا للثانية؛ لكونها أقوى لأنها صلاتية، فيلزم حينئذ أن يكون السجدة التي سجدها عند التلاوة الأولى كانت سجدة قبل التلاوة تقديرًا؛ لأن التلاوة الأولى التحقت بالتلاوة الثانية، فكان الحكم، وهو السجدة سابقًا على السبب، وهو التلاوة الثانية الصلاتية، ثم لما لم يكن هاهنا استتباع التلاوة الأولى للثانية، ولا استتباع الثانية الأولى أفردت بكل واحدة منهما سجدة على حدة في جميع الروايات، بخلاف المسألة الأولى حيث اكتفى بسجدة واحدة في ظاهر الرواية (٣).

وذكر في «المحيط» (٤): ولو قرأ آية السجدة في الركعة الأولى فسجد، ثم أعادها في الثانية، فلا سجود عليه في قول، [وهو القياس] (٥) أبي يوسف، وقال محمد: يسجد استحسانًا، وهذا من المسائل التي رجع أبو يوسف فيها من الاستحسان إلى القياس.

وجه الاستحسان: أن القول باتحاد التلاوتين غير ممكن هاهنا؛ لأنّا لو قلنا: بالاتحاد يفوت القراءة في إحدى الركعتين حكمًا، والقراءة في كل ركعة ركن، فاعتبرنا كل قراءة تلاوة على حدة.

ووجه القياس: أن الاتحاد في حق السجدة لا في حق الصلاة، أي: ثبوت الاتحاد في حق سببية السجدة لا في حق القراءة، وتفسيره أن يجعل كلا التلاوتين سببًا واحدًا لا أن يجعل كلاهما تلاوة واحدة، كما إذا كان خارج الصلاة، وإذا سجد التلاوة، وتلا في السجدة آية أخرى لا يلزمه سجدة التلاوة، وكذا لو تلا في الركوع؛ لأنّ هذه التلاوة محجور عنها.

قوله: (والأصل أن مبنى السجدة على التداخل) (٦) هاهنا أسؤلة، وهي: أنها لِمَ تداخلت؟ ولِمَ تداخلت في السبب دون الحكم؟ ولِمَ صار أليق بالعبادات دون عكسه؟ والرابع: أين تظهر ثمرة [الاختلاف] (٧) أنها تداخلت في السبب دون الحكم؟

أما جواب الأولين: فقد ذكر في الكتاب، ولكن يحتاج هو إلى زيادة كشف وبيان؛ وذلك لأنّ بالتمسّك بمطلق الجرح لا يتم الكلام لما أن مبنى العبادات على الكُلفة والمشقة، ولا نعني بالجرح سواهما، وكذلك ذكره الأليق بالعبادات يحتاج إلى التفسير.


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٢) [التلاوة] ساقط من (ب).
(٣) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٢٢.
(٤) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ٦٦.
(٥) ما بين معكوفين ساقط من (ب).
(٦) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٧٩.
(٧) [ساقط] من (ب).