للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَذْرَبيجان (١): بفتح الهمزة والراء وسكون الذال المعجمة موضع، ثم ذكر المسألة التي يشكل على ما ذكر قبله صورة، وهو وقوله: (ولا يزال على [حكم] (٢) السّفر حتى ينوي الإقامة في بلدة أو قرية)، فإنّه يُعلم منه أنّه إذا نوى الإقامة في موضع الإقامة، وهو العمران إلى آخره يتم صلاته، ثم ذكر أنّ العسكر لم يتموا (٣) وإن صادفت نيّتهم موضعها وهو دار الحرب، فقال: (وإذا دخل العسكر أرض الحرب فنووا الإقامة بها قصروا) (٤).

ذكر في «المبسوط» (٥): فيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن رجلًا سأله، فقال: إنا نطيل الثواء (٦) في دار الحرب، فقال: صل ركعتين حتّى ترجع إلى أهلك» (٧)، ولأنّ نية الإقامة لا تصحّ إلا في موضع الإقامة، ودار الحرب ليست بموضع إقامة المحاربين من المسلمين، كما ذكر في الكتاب، ولأنّ فناء البلدة تبع لجوفها، والبلدة في يد أهل الحرب، فالموضع الذي فيه العسكر كان في أيديهم أيضًا حكمًا، فكأن نيّة الإقامة في غير موضعها، فلا يصحّ فيه نيّة الإقامة، كما لو كانت نيّة الإقامة في المفازة.

ولا يلزم على هذا من دخل دار الحرب بأمان، فهو كأنّه في دار الإسلام حتّى لو نوى فيها أن يقيم خمسة عشر يومًا أتمّ الصلاة؛ لأنّ أهل الحرب لا يتعرّضون له، فصار دار الحرب بعد الأمان، ودار الإسلام سواء. كذا في «المحيط» (٨).

(كذا إذا حاصروا أهل البغي في دار الإسلام) (٩) أي: لا يصحّ الإقامة، وإنما ذكر هذه المسألة مع أن حكمها يُعلم بمسألة دار الحرب؛ لدفع شبهة، وهي: أن يقال: إنما لا تجوز نيّة الإقامة في دار الحرب؛ لأنّها منقطعة عن دار الإسلام، فصارت كالمفازة بخلاف مدينة أهل البغي [التي] (١٠) في دار الإسلام، فإنّ فيها أبنية، وهي في يد أهل الإسلام يجب أن تصح نيّة الإقامة، فقال: (لا يصحّ لأنّ حالهم مبطل عزيمتهم)؛ لأنّهم إنما يقيمون لغرض، فإذا حصل غرضهم انزعجوا فلا [لا] (١١) يكون نيّتهم مستقرّة، وهذا الفصل حجّة على من يقول: من أراد الخروج إلى مكان قريب، ويريد أن يترخّص برخصة السّفر/ ينوي مكانًا أبعد منه، وهذا غلط. كذا ذكره الإمام التمرتاشي (١٢).


(١) هي: كورة تلي الجبل من بلاد العراق وهي مفتوحة الألف، وتلي كور أرمينية من جهة المغرب، ينسب إليها أذربي. ينظر: الروض المعطار: ص ٢٠.
(٢) [ساقط] من (ب).
(٣) في (ب): "يقيموا".
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٣٤.
(٥) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٥٦.
(٦) في الهامش: «هو ثوى بالمكان أقام به»
(٧) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢/ ٢٠٧ – ٨٢٠٢)، من حديث نصر بن عمران.
(٨) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٠٣.
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٠.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٣٧.