للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(أتمّ أربعًا) (١)؛ لأنّه التزم متابعة الإمام بالاقتداء، لكن لو أفسد صلاته بعد الاقتداء صلّى ركعتين؛ لأنّه مسافر على حاله، وإنّما كان يلزمه الإتمام؛ لأجل المتابعة، وقد زال ذلك حتّى أفسد، وهذا بخلاف ما لو اقتدى بنيّة النّفل، ثم أفسد، فإنّه يلزمه قضاء أربع ركعات؛ لأنّ هناك بالشروع يكون ملتزمًا صلاة الإمام، وصلاة الإمام أربع ركعات، وهاهنا بالشروع ما قصد التزام شيء، وإنما قصد إسقاط الفرض عن ذمته، وبغير فرضه حكمًا للمتابعة، فإذا انعدمت صار كأنّه لم يشرع في صلاته أصلًا، كذا في نوادر صلاة «المبسوط» (٢).

فإن قلت: يشكل على هذا ما إذا اقتدى المقيم بالمسافر، ثم أحدث الإمام واستحلف المقيم، فإنّه لا يتغيّر فرضه إلى الأربع، مع أنّ الإمام الأوّل صار بمنزلة المقتدي للخليفة المقيم.

قلت: لما كان المقيم خليفة عن المسافر صار كأنّ المسافر هو الإمام، فيأخذ الخليفة صفة الإمام الأول، والدليل عليه: ما ذكره في «المبسوط» (٣)، فقال: يجب على الخليفة أن يأتي بما كان على الأول حتّى لو ترك القعدة الأولى تفسد صلاة الكل من المقيمين والمسافرين، وكذلك بعد التشهد يجب على المقيمين أن يصلّوا صلاتهم منفردين من غير اقتداء لهذا الخليفة، كما كان حالهم مع الإمام الأوّل هكذا حتّى لو اقتدوا به فيما يقضون فسدت صلاتهم؛ لأنّ الاقتداء في موضع بحق كالانفراد في موضع يحق فيه الاقتداء لما بينهما من المخالفة في الحكم، فإذا كان الخليفة مكان الأوّل من كل وجه صار هو في التقدير اقتداء المسافر بالمسافر، فلا يتغيّر صلاته، وإن/ كان في الوقت، وإن أدخل (٤) معه في فائته لم يُجز هذا إذا دخل في صلاة المقيم بعد خروج الوقت، وأمّا إذا دخل مسافر في صلاة المقيم في الوقت، ثم ذهب الوقت لم تفسد صلاته؛ لأنّ الإتمام لزمه بالشروع مع الإمام في الوقت، فالتحق بغيره من المقيمين بخلاف ما لو اقتدى به بعد خروج الوقت، فإنّ الإتمام لم يلزمه بهذا الاقتداء، [كما لو نوى الإقامة بعد خروج الوقت، لا يؤثر نية الإقامة في الفريضة التي فات وقتها] (٥). كذا في «المبسوط» (٦).

[١٣٨/ ب] وكذا لو صلّى مقيم ركعة من العصر، ثم غربت الشمس، فجاء مسافر، واقتدى في العصر به لم يكن داخلًا في صلاته، وهي مسألة «الجامع الكبير» (٧).


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨١.
(٢) ينظر: المبسوط للسرخسي: ٢/ ١٩٠.
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٣٢٨.
(٤) في (ب): "دخل".
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٥٤.
(٧) ينظر: الجوهرة النيرة: ١/ ٨٧.