للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فيكون اقتداء المفترض بالمتنفّل في حق القعدة) (١) أي: القعدة الأولى إذا كان اقتداء المسافر بالمقيم في أوّل الصلاة (٢).

(أو القراءة) (٣) أي: إذا كان اقتداء المسافر بالمقيم في الركعتين الأخريين، فإنّ القراءة فيهما نفل على الإمام فرض على المقتدي.

فإن قلت: لو كان نسي الإمام القراءة في الشفع الأول، وقضاها في الشفع الثاني كان ينبغي أن يجوز اقتداء المسافر بالمقيم، وإن كان بعد خروج الوقت؛ لكون القراءة والقعدة فرضين على الإمام أيضًا كما على المقتدي؟

قلت: لا يجوز أيضًا؛ لأنّ القضاء يلتحق بمحل الأداء، فيبقى الشفع الثاني حينئذٍ خلوا عن القراءة، فكان فيه بناء الموجود على المعدوم.

فإن قلت: يشكل على هذا اقتداء المتنفّل بالمفترض في الشّفع الثاني، فإنّه جائز مع أنّ القراءة على المفترض فيه ليست بفرض، وعلى المتنفّل فرض، فكان فيه اقتداء المفترض بالمتنفّل؟

قلت: ليس كذلك؛ لأنّ صلاة المتنفّل أخذت حكم الفرض تبعًا لصلاة الإمام، ولهذا لو أفسد المتنفّل صلاته بعد الاقتداء يجب قضاؤها أربعًا. كذا ذكره الصدر الشهيد -رحمه الله- في «الجامع الكبير» (٤).

(وإن صلى المسافر بالمقيمين) (٥) أي: أمّ المسافر فاقتدى به المقيمون إلا أنّه لا يقرأ في الأصح هذا احتراز عن قول بعض المشايخ حيث قالوا: بأنهم يقرؤون فيما يتمون صلاتهم؛ لأنّهم منفردون فيه، ولهذا يلزمهم سجود السّهو إذا سهوا فيه، فأشبهوا المسبوق، ولكن الأصح أنّهم لا يقرؤون، وإليه مال الكرخي (٦)؛ لأنّهم لاحقون أدركوا أوّل الصلاة، وقد تمّ فرض القراءة. كذا في «المحيط» (٧).

واستدلّ في «الإيضاح» (٨) لوجوب سجدة السّهو عليهم إذا سهوا على أنّه لا قراءة عليهم؛ لأنّهم لما صاروا بمنزلة المنفردين في الباقي حيث وجبت عليهم سجدة السهو إذا سهوا لم يجب القراءة عليهم في الباقي؛ لأنّ حكم المنفرد كذلك، فإنّه إذا [نوى] (٩) أدّى الفرض من ذوات الأربع يقرأ في الأولين دون الأخريين، فهذا كذلك؛ لأنّه قرأ إمامهم في الأوليين.


(١) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨١.
(٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٣٩.
(٣) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨١.
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٣٩.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨١.
(٦) سبق ترجمته (ص ٧٤).
(٧) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١١١.
(٨) ينظر: نور الإيضاح: ص ٧٧.
(٩) [ساقط] من (ب).