للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٤٠/ أ] وذكر أبو الحسن الكرخي -رحمه الله- في «جامعه»: أنّ فيه روايتين عن محمّد في رواية يشترط، وفي رواية لا، ومثاله بخارى: خرج من بخارى إلى بيكند (١) ونوى الإقامة بها خمسة عشر يومًا ثم خرج من بيكند يريد فربر فلما دخل فربر، بدا له أن يرجع إلى بخارى، فعلى الرواية التي يشترط تقدم السّفر؛ لثبوت وطن السّفر يصلي ركعتين في الطريق إلى بخارى؛ إذ ليس من بخارى إلى بيكند مسيرة سفر، فلم يكن (٢) بيكند وطنًا له، فهذا رجل خرج من فربر يريد بخارى، وهو مدّة سفر على أصح الأقاويل، فيصلي ركعتين، وعلى الرواية التي لم يشترط تقدّم السّفر يصلي أربعًا في الطريق؛ لأن بيكند صار وطنًا له، ولم يوجد ما ينقضه فما لم يجاوز بيكند لا يصير مسافرًا، ومن بيكند إلى بخارى أقلّ من مدّة السّفر، فلذلك يصلي أربعًا. كذا في «المحيط» (٣).

وعبارة أقصر من هذا وأظهر، ما ذكر في «الإيضاح» (٤): خراساني قدم الكوفة، ونوى الإقامة بها شهرًا، ثم خرج إلى الحيرة (٥)، ونوى المقام (٦) بها خمسة عشر يومًا، ثم خرج من الحيرة يريد خراسان، ومرّ بالكوفة قال: يصلّي ركعتين؛ لأنّ وطنه بالكوفة قد بطل توطنه بالحيرة؛ لأنّه مثله، فإذا مرّ بالكوفة، وليس له بها وطن صلّى ركعتين، ولو لم يكن نوى المقام بالحيرة خمسة عشر يومًا أتم الصلاة بالكوفة؛ لأنّ وطنه بالكوفة لم يبطل بالخروج إلى الحيرة؛ لأنه ليس بسفر، ولا هو مثله، فبقي كما كان، ولو أنّ خراسانيًّا قدم الكوفة ونوى المقام بها خمسة عشر يومًا، ثم ارتحل منها يريد مكة، فقبل أن يسير ثلاثة أيام ذكر حاجة له بالكوفة، [فعاد] (٧) قال: يقصر، ولأن وطنه بالكوفة قد بطل بإنشاء السّفر كما يبطل بوطن مثله (٨).


(١) بيكند: هي أدنى مدن بخارى إلى النهر، ومنها إلى حائط بخارى فرسخان، وهو الحائط المضروب على جميع عمران بخارى، وافتتحها قتيبة بن مسلم سنة سبع وثمانين، وهو حصن حصين مشبه بالأسوار. (الروض المعطار: ص ١٢٣).
(٢) في (ب): "يصل".
(٣) ينظر: المحيط البرهاني: ٢/ ١٠٦ - ١٠٨.
(٤) ينظر: نور الإيضاح: ١/ ٦٩.
(٥) الحيرة: مدينة صغيرة جاهلية حسنة البناء طيبة الثرى، على ثلاثة أميال من الكوفة، والحيرة على النجف، والنجف كان على ساحل البحر الملح. (الروض المعطار: ص ٢٠٧).
(٦) في (ب): "الإقامة".
(٧) في (أ): "لو".
(٨) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٦٤.