للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: هذا عند بقاء الوقت، وأمّا إذا فات الوقت، فالوجوب يضاف إلى كل الوقت، وكلامنا فيما إذا فات الوقت (١)، وعند ذلك كان السبب، فهو كل الوقت لا آخره لزوال الضرورة الدّاعية للانتقال عن الكل إلى الجزء، فلذلك لا يجوز عصر الأمس وقت احمرار الشمس في اليوم الثاني، ولو كان الاعتبار للجزء الأخير في السببية لجاز لوجوبه ناقصًا؟.

[١٤٠/ ب] قلت: ما ذكرته اعتبار لصفة الوقت في حق نفسه، وما قلناه اعتبار لصفة الوقت في حق المكلّف، وكون الوقت/ سببًا في حق المكلف على وجه التعين إنما هو آخر لا كله؛ لأنّ ذلك أوان التقرّر في ذمته دينًا وصفة الدّين إنما تعتبر حال تقرره في الذمة، كما في حقوق العباد، فإنّه إذا غصب شيئًا من ذوات القيم يجب عليه قيمته يوم غصب لا ما كان قبله؛ لأنّه دخل في ضمانه وقت الغصب، والفقه فيه أنّه لو اعتبر كل الوقت في السببية في حق المكلّف يلزم أن تجب عليه الصلاة بصفة الإقامة أربعًا، وبصفة السفر ركعتين [فيما إذا] (٢) سافر في خلال الوقت، وكذلك إذا طهرت المرأة في خلال الوقت، أو أسلم الكافر، أو بلغ الصبي في خلاله كانت الصلاة دائراة بين أن يجب وبين أن لا يجب؛ لأنّ كل الوقت موصوف بذلك، وهو محال فلا يصحّ، فلذلك وجب أن يعتبر الجزء الأخير في حق المكلّف؛ لأنّ في ذلك الجزء وهو ساعة لطيفة؛ لأنّه مقدار مدة التحريمة لابدّ أن يكون متصفًا بأحد الأوصاف، وأمّا اعتبار صفة الوقت في حق نفسه بعد الفوات حتى أضيفت السببية إلى كلّ الوقت؛ ليثبت الواجب على المكلّف بصفة الكمال؛ إذ الأصل في أسباب المشروعات [الكمال] (٣) مع أنّ الضرورة قد انعدمت في حق تعيين السببية لآخر الوقت بعد الفوات فافترقا، فإن قيل (٤): يشكل على هذا ما إذا دخل المسافر في صلاة المقيم، ثم ذهب الوقت، ثم أفسد الإمام أو المقتدي صلاته على نفسه، فعلى المسافر أن يصلي صلاة السّفر ركعتين مع أنّه وجب عليه الصلاة أربعًا عند آخر الوقت بسبب الاقتداء، وعلى قياس ما ذكر في الكتاب من اعتبار وجوب الأربع حال فوات الوقت ينبغي أن لا [يجوز] (٥) بغير فرضه إلى الركعتين، كما إذا فات عن المقيم، قلنا: لم يكن مقيمًا فيها، وإنما لزمه الإتمام لمتابعة الإمام، وقد زال ذلك بالإفساد، فعاد إلى أصله، ألا ترى أنّه لو افسد الاقتداء [في الوقت] (٦) كان عليه أن يُصلي صلاة السّفر، فكذا هنا. هكذا ذكر السؤال والجواب في «المبسوط» (٧).


(١) في (ب): "الترتيب".
(٢) في (ب): "فإذا".
(٣) [ساقط] من (ب).
(٤) في (ب): "قلت".
(٥) [ساقط] من (ب).
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) ينظر: المبسوط للسرخسي: ١/ ٤٥٤، ٤٥٥.