للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر في «مبسوط شيخ الإسلام»: اختلاف الروايتين عن أبي حنيفة فقال: روى المعلى (١)، (٢)، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة: أنّه لا يكبر جهرًا في طريق المصلّى في عيد الفطر، وروى الطحاوي، عن ابن عمران البغدادي (٣) أستاذه، عن أبي حنيفة: أنّه يكبّر في طريق المصلّى في عيد الفطر جهرًا، وهو قول أبي يوسف، ومحمد -رحمهما الله-، والشرع ورد به في الأضحى، وهو قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (٤) جاء في التفسير (٥): أن المراد [به] (٦) التكبير في هذه الأيام، ولأنّ عيد الأضحى اختصّ بركن من أركان الحج، والتكبير إنّما شرع علمًا على وقت أفعال الحج، فيكون علمًا على وقت [الحج] (٧) للأركان لا على الواجبات كالأذان، والإقامة فأمّا في شوال، فلم يدخل وقت ركن من أركان الحج، وإنّما دخل وقت الواجب، وهو ما شرع علمًا له (٨).

(ولا كذلك الفطر) (٩) أي: [في] (١٠) يوم [الفطر] (١١) ليس بيوم تكبير لانعدام ورود الشرع به فيه، فإن قيل: أليس أن الله تعالى قال: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} (١٢) أخبر بالتكبير بعد إكمال عدة أيام شهر رمضان، وليس هو إلا في عيد الفطر (١٣)، وروى نافع (١٤)، عن ابن عمر: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يخرج يوم الفطر، ويوم الأضحى رافعًا صوته بالتكبير» (١٥)، وهذا نصّ في الباب.


(١) في (ب): "المعين".
(٢) المعلى بن منصور الرازي، أبو يعلى: من رجال الحديث، المصنفين فيه. ثقة نبيل، من أصحاب أبي يوسف ومحمد بن الحسن، صاحبي أبى حنيفة. حدث عنهما وعن غيرهما، وأخذ عنه كثيرون. وطلب للقضاء غير مرة فأبى. قال أبو داود: كان أحمد بن حنبل لا يروي عنه، للرأي. أصله من الري. سكن بغداد توفي سنة ٢١١ هـ. من كتبه: "النوادر" و"الأمالي" كلاهما في الفقه. ينظر: التاريخ الكبير: ٧/ ٣٩٤، تاريخ بغداد: ١٣/ ١٨٨، سير أعلام النبلاء: ١٠/ ٣٦٧.
(٣) أحمد بن أبي عمران موسى بن عيسى أبو جعفر الفقيه البغدادي نزل مصر أستاذ أبي جعفر الطحاوي، تفقه على قاضي القضاة محمد بن سماعة وعلى بشر بن الوليد الكندي وحدث بمصر، ذكره الحافظ ابن يونس في الغرباء الذين قدموا مصر. توفي سنة ٢٨٠ هـ. وقد روى حديثًا كثيرًا من حفظه صنف كتابًا يقال له: "الحجج". ينظر: تاريخ بعداد: ٥/ ١٤١، سير أعلام النبلاء: ١٧/ ١١١، الجواهر المضية: ١/ ١٢٧.
(٤) سورة البقرة من الآية: (٢٠٣).
(٥) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ٣/ ٤.
(٦) [ساقط] من (ب).
(٧) [ساقط] من (ب).
(٨) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧٢، تحفة الفقهاء: ١/ ١٧٠، ١٧١، البحر الرائق: ٢/ ١٧٢.
(٩) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٥.
(١٠) [ساقط] من (ب).
(١١) [ساقط] من (ب).
(١٢) سورة البقرة من الآية: (١٨٥).
(١٣) قال القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن: ٢/ ٣٠٦، ٣٠٧): قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} عطف عليه، ومعناه الحض على التكبير في آخر رمضان في قول جمهور أهل التأويل. واختلف الناس في حده، فقال الشافعي: روي عن سعيد ابن المسيب وعروة وأبي سلمة أنهم كانوا يكبرون ليلة الفطر ويحمدون، قال: وتشبه ليلة النحر بها. وقال ابن عباس: حق على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا وروي عنه: يكبر المرء من رؤية الهلال إلى انقضاء الخطبة، ويمسك وقت خروج الإمام ويكبر بتكبيره. وقال قوم: يكبر من رؤية الهلال إلى خروج الإمام للصلاة. وقال سفيان: هو التكبير يوم الفطر. زيد بن أسلم: يكبرون إذا خرجوا إلى المصلى فإذا انقضت الصلاة انقضى العيد. وهذا مذهب مالك، قال مالك: هو من حين يخرج من داره إلى أن يخرج الإمام. وروى ابن القاسم وعلي بن زياد: أنه إن خرج قبل طلوع الشمس فلا يكبر في طريقه ولا جلوسه حتى تطلع الشمس، وإن غدا بعد الطلوع فليكبر في طريقه إلى المصلى وإذا جلس حتى يخرج الإمام. والفطر والأضحى في ذلك سواء عند مالك، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يكبر في الأضحى ولا يكبر في الفطر، والليل عليه قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ} ولأن هذا يوم عيد لا يتكرر في العام فسن الكبير في الخروج إليه كالأضحى ..
(١٤) نافع أبو عبد الله مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي مدني، سمع ابن عمر وأبا سعيد الخدري روى عنه الزهري ومالك بن أنس، وأيوب وعبيد الله بن عمر، قال محمد بن محبوب عن حماد بن زيد: مات نافع سنة سبع عشرة ومائة، قال مالك بن أنس: كنت إذا سمعت حديث نافع عن ابن عمر لا أبالي أن لا أسمع من غيره. ينظر: التاريخ الكبير: ٨/ ٨٥، تهذيب التهذيب: ١٠/ ٤١٢، وفيات الأعيان: ٢/ ١٥٠.
(١٥) أخرجه الدارقطني في «سننه» (٢/ ٤٥ –رقم ٨)، موقوفًا. قال الألباني: صحيح. ينظر: مختصر إرواء الغليل: ص ١٣١.