للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلنا: أما الآية فالمراد بها التكبير في صلاة العيد، والمعنى صلوا صلاة العيد، وكبّروا الله فيها، كقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (١) أي: صلّوا واركعوا فيها (٢)، وكذلك التعلُّق بالحديث لا يستقيم؛ لأن مداره على الوليد بن محمد (٣) عن الزهري، والوليد متروك الحديث؛ ولأنّ هذا خبر واحد فيما يعم به البلوى، فلا يقبل لو كان طريقه صحيحًا، فكيف إذا كان فاسدًا؟! كذا ذكره شيخ الإسلام (٤).

قوله: (خاصةً، وعامة) (٥) بنصبهما على الحال من الكراهة، والعامل فيهما قيل (٦).

وفي «زاد الفقهاء»: وإن أحبّ أن يصلي بعدها صلى أربعًا إلا أن مشايخنا قالوا: المستحب أن يصلي أربعًا بعد الرجوع إلى منزله؛ كيلا يظن ظانّ أنه هو السنة المتوارثة، ولكن ذكر في «فتاوى قاضي خان» جواز التطوع في الجبانة بغير كراهية إذا كان بعد صلاة العيد من غير ذكر عدم الاستحباب (٧)، وكذلك أطلق الجواز في «التحفة» (٨)، فقال: أما لو فعل بعد الفراغ من الخطبة فلا بأس، وإذا حلّت الصلاة من الحلّ لا من الحلول؛ لأن الصلاة قبل ارتفاع الشمس كانت حرامًا لما جاء في الحديث؛ [لقوله] (٩): «ثلاثة أوقات نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- … » (١٠) الحديث؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان صلى العيد، والشمس على قيد رمح أو رمحين، ولما شهدوا بالهلال بعد الزوال أمر بالخروج من (١١) المصلى من الغد (١٢).

فإن قلت: ما وجه التمسك بهذا الحديث على أن وقته يخرج بزوال الشمس؟.


(١) سورة الحج من الآية: (٧٧).
(٢) ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ١٢/ ٩٨.
(٣) الوليد بن محمد القرشي الموقري، البلقاوي، الشامي، عن الزهري في حديثه مناكير، قال علي بن حجر: كنية الوليد أبو بشر مولى يزيد بن عبد الملك وكان لا يقرأ من كتابه وإذا رفع إليه كتاب قرأه. ينظر: الثقات لابن حبان: ٩/ ٢٢٥، التاريخ الكبير: ٨/ ١٥٥.
(٤) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧٣.
(٥) ينظر: الهداية شرح البداية: ١/ ٨٥.
(٦) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧٣.
(٧) ينظر: الفتاوى الهندية: ١/ ١٥٠.
(٨) ينظر: تحفة الفقهاء: ١/ ١٧١.
(٩) [ساقط] من (ب).
(١٠) أخرجه مسلم في «صحيحه» (١/ ٥٦٨)، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، رقم (٨٣١).
(١١) في (ب): "إلى".
(١٢) ينظر: العناية شرح الهداية ٢/ ٧٣.