للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ شَيْخِي -رحمه الله- التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ أَيِ: الْعِبَادَاتُ الْقَوْلِيَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} (١) / فَالصَّلَوَاتُ؛ أَيِ الْعِبَادَاتُ الْفِعْلِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَحْرِيكِ الصَّلَوَيْنِ (٢) وَكَانَ بِالْفِعْلِ أَوْلَى، وَالطَّيِّبَاتُ أَيِ: الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (٣) وَهَذَا (٤) عَلَى مِثَالِ مَنْ يَدْخُلُ عَلَى عُظَمَاءِ الْمُلُوكِ؛ فَإِنَّهُ يُثْنِيهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَخْدِمُ ثُمَّ يُبْذَلُ الْمَالُ.

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (لِأَنَّ فِيهِ الْأَمْرَ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ (وَالْأَخْذُ بِهَذَا أَوْلَى).

قوله -رحمه الله- (وَلَا يَزِيدُ عَلَى هَذَا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى).

وَهَذَا عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ -رحمه الله- يَزِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى عِنْدَهُ سُنَّةٌ.

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: قَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَّهُ سُنَّةٌ مُخَالِفُ إِجْمَاعِ النَّاسِ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّم عَلَى الْمُرْسَلِينَ» (٥) وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى قَامَ كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ» (٦) فَكَأَنَّهُ وَصَفَ سُرْعَةَ قِيَامِهِ إِلَى الثَّالِثَةِ فَكَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْتِي سِوَى التَّشَهُّدِ.


(١) سورة النساء من آية (٨٦).
(٢) الصلوين: وَقَالَ أَهلُ اللُّغَةِ فِي الصَّلَاةِ: إِنَّهَا مِنَ الصَّلَوَيْنِ، وَهُمَا مُكْتَنِفا الذَّنَبِ مِنَ النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا، وأَوَّلُ مَوْصِلِ الْفَخِذَيْنِ مِنَ الإِنسانِ فكأَنهما فِي الْحَقِيقَةِ مُكْتَنِفا العُصْعُصِ، وَيُقَالُ: أَصْلَتِ الناقةُ فَهِيَ مُصْلِيةٌ إِذَا وَقَعَ ولدُها فِي صَلاها وقَرُبَ نَتاجُها. انظر: "لسان العرب لابن منظور" (١٤/ ٤٦٥ و ٤٦٦).
(٣) سورة الأعراف من آية (١٦).
(٤) (وَهَذَا) ساقطة من (ب).
(٥) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٣/ ٣٦٧)، حديث (٨٦٩) بلفظ: (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَشَهُّدٌ وَتَسْلِيمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ). وقال الهيثمي في"مجمع الزوائد" (٢/ ٣٣٢): (وفيه علي بن زيد واختلف في الاحتجاج به وقد وثق).
(٦) أخرجه أبو داود في "سننه" (ص ١٢٥)، كتاب الصلاة، باب في تخفيف القعود، حديث (٩٩٥)، وأخرجه الترمذي في "سننه" (١/ ٤٧٥)، أبواب الصلاة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين، حديث (٣٣٦)، وأخرجه النسائي في "سننه" (٢/ ٥٩٤ - ٥٩٥)، كتاب الصلاة، باب التخفيف في التشهد الأول، حديث (١١٧٥)، كلهم من حديث عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-.
وقال الترمذي: (هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه).
وقوله: (الرضف): فهي: الْحِجَارَة المُحْماة بالنَّار أَو الشَّمْس واحدتها رَضْفَة. غريب الحديث للقاسم بن سلام (٤/ ١٢٥)، النهاية في غريب الحديث والأثر لإبن الأثير (٢/ ٢٣١).