للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَرَّحَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- فِي رِوَايَتِهَا: «أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى» (١)؛ وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ فَلَا يُسَنُّ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى) (٢) قِيَاساً عَلَى قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَتَأْوِيلُ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي التَّطَوُّعَاتِ فَإِنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنَ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ أَوْ مُرَادُهُ سَلَامُ التَّشَهُّدِ كَذَا فِي " الْمَبْسُوطَيْنِ " (٣).

وَقَوْلُهُ: (لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِلَى قَوْلِهِ (بِمَا شَاءَ) مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (وَهَذا بَيَانُ الْأَفْضَلِ هُوَ الصَّحِيحُ)، هَذَا احْتِرَازٌ عَمَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (٤) أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَاجِبَةٌ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا سَاهِياً يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي " الْمَبْسُوطِ " وَالْإِمَامُ الْمَحْبُوبِيُّ فِي " الْجَامِعِ الصَّغِيرِ" فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ وَذُكِرَ فِي"الْمُحِيطِ ": (وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ وَالتَّسْبِيحَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرَجٌ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَجَدَتَا السَّهْوِ إِنْ كَانَ سَاهِياً لَكِنَّ الْقِرَاءَةَ أَفْضَلُ؛ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنَ الرِّوَايَاتِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِي فِي " شَرْحِهِ ".

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- أَنَّهُ لَوْ سَبَّحَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ؛ يَعْنِي مِنَ الْأُخْرَيَيْنِ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ؛ أَجْزَاهُ وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ وَلَمْ يُسَبِّحْ كَانَ مُسِيئاً إِنْ كَانَ مُتَعَمِّداً وَإِنْ كَانَ سَاهِياً فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ، لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ مَقْصُودٌ؛ فَيُكْرَهُ إِخْلَاؤُهُ عَنِ الذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ جَمِيعاً، كَمَا فِي الرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: يُسَبِّحُ فِيهِمَا وَلَا يَسْكُتْ إِلَّا أَنَّهُ (٥) إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فَلْيَقْرَأُ عَلَى جِهَةِ الثَّنَاءِ (٦) لَا عَلَى جِهَةِ الْقِرَاءَةِ، وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) (٧) ضَعَّفَهُ الطَّحَاوِيُّ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ (٨) وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ نَقَلَةِ الْحَدِيثِ فَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَ التَّوَرُّكِ وَجَوَابَهَ.


(١) أخرجه أبو يعلي في "مسنده" (٧/ ٣٣٧)، حديث (٤٣٧٣)، وقال حسين سليم أسد: (إسناده صحيح).
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ٢٩).
(٤) ينظر: " الإختيار لتعليل المختار للموصلي" (١/ ٥٤).
(٥) (أَنَّهُ) ساقطة من (ب).
(٦) (البناء) كما في "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٩٨).
(٧) "المحيط البرهاني لإبن مازة " (١/ ٢٩٨).
(٨) هو عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري، ابن الحكم بن رافع الأنصاري، المديني، الإمام، المحدث، الثقة، أبو سعد. قال أحمد بن حنبل: ليس به بأس. كان يحيى بن سعيد يضعف عبد الحميد بن جعفر، وقد روى عنه، قال ابن معين: كان عبد الحميد ثقة، يرمى بالقدر، مات عبد الحميد: في سنة ثلاث وخمسين ومائة. احتج به الجماعة سوى البخاري، وهو حسن الحديث. "سير أعلام النبلاء للذهبي " (٧/ ٢٠ - ٢٢)