للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الْحَدِيثُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا، هُوَ (١) قَوْلُهُ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّمَا أَرْضٍ جَفَّتْ فَقَدْ زَكَتْ» (٢) وَكَذَا أَيْضًا فِي "مَبْسُوطِ " (٣) شَيْخِ الْإِسْلَامِ -رحمه الله-.

وَفِي " المغرب " (وَقَوْلُ (٤) مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ (٥) -رحمه الله-: زَكَاةُ الْأَرْضِ يُبْسُهَا، أَيْ أَنَّهَا إِذَا يَبِسَتْ؛ مِنْ رُطُوبَةِ النَّجَاسَةِ (٦)؛ طَهُرَتْ وَطَابَتْ، كَمَا بِالذَّكَاةِ، تَطْهُرُ الذَّبِيحَةُ، وَتَطِيبُ، وَمِنْهُ: «أَيُّمَا أَرْضٍ جَفَّتْ؛ فَقَدْ ذَكَتْ» أَيْ: طَهُرَتْ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ: وَهَذَا مِمَّا لْمَ أَجِدْهُ فِي (٧) الْأُصُولِ) (٨).

قَوْلُهُ -رحمه الله-: (لِأَنَّ طَهَارَةَ الصَّعِيدِ (٩) ثَبتتْ شَرْطًا بِنَصِّ الْكِتَابِ فَلَا يَتَأَدَّى بِمَا يَثْبُتُ (١٠) بِالْحَدِيثِ).

يَعْنِي أَنَّ اشْتِرَاطَ طَهَارَةِ (١١) التُّرَابِ فِي التَّيَمُّمِ ثَبَتَ (١٢) بِعِبَارَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى (١٣)؛ فَلَا تَحْصُلُ تِلْكَ الطَّهَارَةُ الْمَشْرُوطَةُ بِالْعِبَارَةِ بِالطَّهَارَةِ؛ الَّتِي أَثْبَتَهَا خَبَرُ الْوَاحِدِ (١٤)، فَإِنَّ فِيهِ نُوعَ مُعَارَضَةٍ، لِمَا أَنَّ الْقِيَاسَ؛ يَأْبَى طَهَارَةَ الْأَرْضِ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ؛ لَا تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ، كَمَا فِي الثَّوْبِ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ طَهَارَةِ مَكَانِ الْمُصَلِّي، فَإِنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ، بِدَلَالَةِ النَّصِّ، لَا بِالْعِبَارَةِ، فَجَازَ، أَنْ يُعَارِضَهُ، فَأُثْبَتَ (١٥) بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (١٦).


(١) في (ب): (وهو).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١/ ٤٣١) في كتاب "الطهارة"، باب " من قال إذا كانت جافة فهو زكاتها" حديث رقم (٦٣٠، ٦٣١). ولا يعرف الأثر مرفوعا إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذكره الشارح.
(٣) المبسوط للسرخسي (١/ ٢٠٥).
(٤) في (ب): (في قول).
(٥) محمد بن على بن أبى طالب يقال له محمد بن الحنفية كنيته أبو القاسم وقد قيل أبو عبد الله كان من أفاضل أهل البيت وكانت الشيعة تسميه المهدى كان مولده لثلاث سنين بقيت من خلافة عمر بن الخطاب ومات برضوى سنة ثلاث وسبعين ودفن بالبقيع. انظر " مشاهير علماء الأمصار لابن حبان" (ص: ١٠٣).
(٦) (النجاسة): ساقطة من (ب).
(٧) في (ب): (آخذه من).
(٨) ينظر: " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي (١/ ٣٠٦).
(٩) (الصعيد)، ساقطة من (ب). الصعيد: وجه الأرض ترابا كان أو غيره: " المغرب في ترتيب المعرب" للمطرزي: (١/ ٤٧٣)، وقصره البعض على التراب فقط (حلية الفقهاء لابن فارس (ص ٥٩) وله معان أخرى (لسان العرب لابن منظور: (٣/ ٢٥٤)، "الصحاح، للجوهري": (٢/ ٤٩٨)، القاموس المحيط للفيروز آبادي: (١/ ٣٠٧).
(١٠) في (ب): (ثبت).
(١١) (طهارة)، ساقطة من (ب).
(١٢) (ثبت)، ساقطة من (ب).
(١٣) وهي قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (٤٣)} … [النساء: ٤٣].
(١٤) خبر الواحد: هو كل خبر يرويه الواحد والاثنان فصاعداً لا عبرة لعدد فيه بعد أن يكون دون المشهور والمتواتر: " كشف الأسرار للبخاري ": (٢/ ٣٧٠)، " المغني للخبازي" (١٩٤)
(١٥) في (ب): (ما ثبت).
(١٦) ينظر: "المبسوط" للسرخسي (١/ ١١٩)، و"بدائع الصنائع للكاساني" (١/ ٥٣)، و" تبيين الحقائق للزيلعي " (١/ ٧٢)، و" الْعِنَايَة شرح الهداية للبابرتي " (١/ ٢٠٠).