للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلَّه (١) من أمارات الحدث وهي خلقه وملكه، وهو سبحانه أجل وأعظم من أن يوصف بالجهات أو تحده الصفات أو تصحبه الأوقات أو تحويه الأماكن والأقطار.

ولما كان كذلك استحال أن (يوصف صفات ذاته بأنها منتقلة من مكان إلى مكان، أو حالَّة في مكان، وإذا ثبت هذا لم يجز أن) (٢) يوصف كلامه أنه يحل موضعًا أو ينزل مكانًا، كما لا يوصف بأنه


= الأسماء والصفات، ومثل هذِه الكلمات وهي المكان والجهة والحد، كلمات تحتاج إلى تفصيل فهي تحتمل معاني كثيرة، منها ما هو حق ومنها ما هو باطل؛ ولذلك فإن الأفضل عدم استعمالها والاستغناء عنها بالألفاظ الشرعية من العلو والفوقية والاستعلاء، فإن استعملها أحد تعيَّنَ عليه بيان المراد من كلامه وتفسيره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كل لفظ وجد في الكتاب والسنة بالإثبات أثبت ذلك اللفظ، وكل لفظ وجد منفيًّا نفى ذلك اللفظ، وأما الألفاظ التي لا توجد في الكتاب والسنة بل ولا في كلام الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين، لا إثباتها ولا نفيها، وقد تنازع فيها الناس فهذِه الألفاظ لا تثبت ولا تنفى إلا بعد الاستفسار عن معانيها، فإن وجدت معانيها مما أثبته الرب لنفسه أثبتت، وإن وجدت مما نفاه الرب عن نفسه نفيت، وإن وجدنا اللفظ أُثبت به حق وباطل، أو نفي به حق وباطل، أو كان مجملاً يراد به حق وباطل، وصاحبه أراد به بعضها، لكنه عند الإطلاق يوهم الناس أو يفهمهم ما أراد وغير ما أراد، فهذِه الألفاظ لا يطلق إثباتها ولا نفيها كلفظ الجوهر والجسم والتحيز والجهة ونحو ذلك من الألفاظ التي تدخل في هذا المعنى، فقلَّ من تكلم بها نفيًا أو إثباتًا إلا وأدخل فيها باطلًا، وإن أراد بها حقًا، والسلف والأئمة كرهوا هذا الكلام المحدث لاشتماله على باطل وكذب وقول على الله بلا علم.
"مجموع الفتاوى" ١٧/ ٣٠٤.
(١) ساقطة من (س).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>