للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} ففيه دليل على أن من لم يعتقد الطاعة فليس بمطيع على الحقيقة، وذلك أن الله لم يحقق طاعتهم فيما أظهروه، فقال: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} فلو كان للطاعة حقيقة (بلا اعتقاد) (١) لحكم لهم بها، فثبت أنه لا يكون المطيع مطيعًا إلا باعتقاد الطاعة، مع وجودها.

٨٢ - قوله -عز وجل-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}

يعني: أفلا يتفكرون في القرآن، فيرون بعضه يشبه بعضًا (ويصدق بعضه بعضا) (٢) فإن أحدًا من الخلائق لم يكن يقدر عليه، فيعلمون بذلك أنه من عند الله، إذ {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} يعني: تفاوتًا (٣)، وتناقضًا كثيرًا، هذا قول ابن عباس (٤).

وقال بعضهم: معناه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ} أي: في الإخبار عما غاب عنه بما كان، وبما يكون {اخْتِلَافًا كَثِيرًا} يعني: تفاوتًا بينًا؛ إذ الغيب لا يعلمه إلا الله -عز وجل-، فيعلم من ذلك أنه كلام الله -عز وجل-، وأن محمدًا نبيه رسول صادق، وفي هذه الآية دليل على أن القرآن غير مخلوق، إذ هو معرى عن الاختلاف من كل الجهات، فلو كان مخلوقًا، لكان لا يخلو من اختلاف وتفاوت.


(١) من (ت)، وفي باقي النسخ: إلا بالاعتقاد، ولعل المثبت أصوب.
(٢) ساقطة من (م)، (ت).
(٣) في (ت): بينا.
(٤) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي ٢/ ١٤٤، "معالم التنزيل" للبغوي ٢/ ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>