للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٠٧ - قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا} الآية

قال المفسرون: إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء، وبعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم، فأتاهم فصلّى فيه، فحسدتهم أخوتهم بنو غنم بن عوف بن غنم، وقالوا: نبني مسجدًا ونرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيه كما صلى في مسجد إخوتنا؛ وليصلِّ فيه أبو عامر الراهب (١) إذا قدم من الشام، وكان أبو عامر رجلًا منهم، وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة - رضي الله عنه -؛ وكان قد ترهّب في الجاهلية وتنصّر ولبس المسوح، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة (٢) قال له أبو عامر: ما هذا الذي جئت به؟ قال: "جئت بالحنيفية؛ دين إبراهيم -عليه السلام-"، قال أبو عامر: فأنا عليها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإنك لست عليها"، قال: بلى؛ ولكنك أدخلت في الحنيفية ما ليس منها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما فعلتُ؛ ولكني جئت بها بيضاء نقية"، قال أبو عامر: أمات الله الكاذب منّا طريدًا شريدًا


(١) أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن مالك، أحد بني ضبيعة، والد حنظلة غسيل الملائكة، ذكره الحافظ في "الإصابة" في القسم الثالث من كنى حرف العين، واستبعد كونه أسلم، وقال: وعلى تقدير أن يوجد ذلك، فكأنه ارتدّ، فإن مباينته للمسلمين ومظاهرته للمشركين وحضوره معهم بعض الحروب حتى أراد ابنه حنظلة أن يثور عليه، ثم كيده الإسلام مشهور في السير والمغازي. قال القرطبي: فمات كافرًا بقنسرين بدعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
"الإصابة" لابن حجر ١١/ ٢٨٠، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ٨/ ٢٥٣، "السيرة النبوية" لابن هشام ٢/ ٦٧.
(٢) في (ت): إلى المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>