القول الأول: أن المراد بها زكاة الأموال الواجبة وهو اختيار المصنف والطبري في "جامع البيان" وعزاه ابن كثير والرازي للأكثرين. واستدلوا بما يلي: ١ - أن أصل الزكاة فرض بمكة قبل الهجرة، وأما الزكاة التي فرضت بالمدينة سنة اثنتين من الهجرة إنما هي ذات النصب والمقادير الخاصة. ٢ - أن هذِه اللفظة (الزكاة) قد أختصت في الشرع بهذا المعنى. ٣ - لو حملنا معنى الزكاة هنا على زكاة النفس من الشرك والدنس لكان شاملًا لجميع صفات المؤمنين المذكورة في أول هذِه السورة فيكون كالتكرار، والحمل على التأسيس والاستقلال أولى من غيره. ٤ - أن قوله: (فاعلون) معناها مؤدون وهي لغة فصيحة صريحة. القول الثاني: أن المراد بها زكاة النفس أي تطهيرها من الشرك والدنس كقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (٩)}. واستدل هؤلاء بـ: ١ - أن السورة مكية بلا خلاف -كما سبق- والزكاة فرضت بالمدينة فدل على أن قوله {لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} نزل قبل فرض الزكاة الواجبة فدل على أن المراد به غيرها. ٢ - أن المعروف في زكاة المال أن يعبر عن أدائها بالإيتاء كقوله: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} وهنا عبر بقوله (فاعلون) فدل على أن هذِه الزكاة: أفعال المؤمنين. ٣ - أن زكاة الأموال عادة ما تقرن في القرآن بالصلاة من غير فصل بينهما، وهنا فصل بينهما بجملة {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}. القول الثالث: أن المراد زكاة النفوس، وزكاة الأموال جميعًا لعموم الآية وهذا اختيار الشيخ السعدي في "تيسير الكريم الرحمن" (ص ٤٩٧) وهو الراجح جمعًا =