للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقال لأهل القدر: خبرونا عن الكفار هل هداهم الله إلى الإسلام؟ فإن قالوا: نعم. قيل: فكيف يجوز أن يقال: إن الله تعالى هداهم، وقد قال: {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا}؟ فإن قالوا: معناه: أنَّه لا يهديهم إلى طريق الجنّة. يقال لهم: كيف لا يهديهم إلى طريق الجنّة، وقد هداهم عندك؟ لأن من أصلك أن العبد إنما يدخل الجنّة بفعله، ويدخل النار بفعله، وقد هداه إلى طريق الجنّة بهدايته إلى الإسلام، فكيف يصح هذا التأويل على أصلك؟

واعلم أنهم إذا ألزمتهم الشيء احتالوا في التأويل، فإذا فحصت عن تأويلهم بأن لك فساد قولهم، واعلم أن الله تعالى قد بيَّن أنَّه لا يهديهم سبيلًا، ليعلم أن العبد إنما ينال الهدى بالله تعالى، ويحرم الهدى بإرادة الله تعالى، ثم لا يكون لهم عاذرًا بنفي الهدي عنهم، ولا مزيلًا للحجة.

١٣٨ - قوله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ}

أي: أخبرهم يا محمد، {بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.

وقال الزجاج: {بَشَرٌ}، أي: أجعل في موضع بشارتك لهم العذاب، والعرب تقول: تحيتك الضرب، وعتابك السيف، أي: بدل لك من التحية، وقال الشاعر:

وخيل قد دَلَفْت لها بخيلٍ ... تحية بينهم ضرب وجيعُ (١)


(١) هنا انتهت عبارة الزجاج في "معاني القرآن" ٢/ ١٢٠. =

<<  <  ج: ص:  >  >>