للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باع في معرفة صحيح الأخبار من سقيمها (١).

ويمكن الاعتذار للثعلبي وتخفيف التَّبعة عليه في ذلك بأن يقال: إنَّ المسلك الذي سلكه قد سلكه غيره من المفسرين، بل والمحدثين أَيضًا، وهم يعتقدون أنَّهم عندما يروون المرويات بما فيها الموضوعات بالسند تكون عهدتهم قد برئت من باب: أنَّ من أسند لك فقد أحالَك، ومن حَمل إليك فقد حمَّلك مؤنة البحث عنه، والحكم عليه.

فها هو الإِمام الحافظ الجليل أبو القاسم الطبراني صاحب "المعاجم" وغيرها يُعاب بنحو ما عيب به أبو إسحاق الثعلبي، فينبري الحافظ ابن حجر للدفاع عنه، مبيِّنًا هذا الأمر حيث يقول في معرض كلامه عن الطبراني: وقد عاب عليه إسماعيل بن محمَّد بن الفضل التيمي جمعه لأحاديث بالأفراد مع ما فيها من النكارة الشديدة، والموضوعات، وفي بعضها القدح في كثير من القدماء من الصحابة وغيرهم، وهذا أمر لا يختص به الطبراني، فلا معنى لإفراده اليوم، بل أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مئتين وهلُمَّ جرَّا إذا ساقوا الحديث بإسناده اعتقدوا أنهم برؤوا من عهدته، والله أعلم (٢).

وإذا كان هذا بالمحدثين الذين يفتِّشون في الأسانيد، ويميزون بين


(١) "التفسير والمفسِّرون" ١/ ٢٣٣.
(٢) "لسان الميزان" ٣/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>