(٢) الصَّحيح الذي عليه جمهور السلف من الأئمة الثلاثة مالك والشّافعيّ وأحمد وغيرهم، وهو الصَّحيح -هو أنَّ الإيمان اسم يقع على الإقرار باللسان، والتصديق بالقلب، والعمل بالجوارح. بل حكاه أكثر الأئمة إجماعًا. بخلاف ما ذهب إليه المصنف هنا تبعًا لمذهبه الأشعري، وإن كان قد ذكر فيما سيأتي أن إقرار اللسان وأعمال الأبدان تسمى إيمانًا، قال الإمام الشَّافعي: وكان الإجماع من الصّحابة والتابعين من بعدهم ومن أدركناهم يقولون: إن الإيمان قول وعمل ونية، لا تجزئ واحدة من الثلاثة إلَّا بالأخرى. وقال الإمام أحمد: ولهذا كان القول أنَّ الإيمان قول وعمل عند أهل السنة، من شعائر السنة. وقال ابن كثير: أما الإيمان في اللغة فيطلق على التصديق المحض، وقد يستعمل في القرآن والمراد به ذلك كما قال تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} وكما قال إخوة يوسف لأبيهم: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} وكذلك إذا استعمل مقرونًا مع الأعمال، كقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. فأمَّا إذا استعمل مطلقاً فالإيمان الشرعي المطلوب لا يكون إلَّا اعتقادًا وقولًا وعملًا، هكذا ذهب إليه أكثر الأئمة، بل قد حكاه الشَّافعي وأحمد بن حنبل وأبو عبيدة وغير واحد إجماعًا: أنَّ الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير ١/ ٢٦٤. وانظر أيضاً: "شرح العقيدة الطحاوية" (ص ٤٤٤ - ٤٤٥)، "جامع البيان" للطبري ١/ ١٠٠ - ١٠١، "معالم التنزيل" للبغوي ١/ ٦٠، "تفسير القرآن" للسمعاني ١/ ٣٨٥، "القصيدة النونية" لابن القيِّم مع الشَّرح ٢/ ١٣٩، وما بعدها، "الشريعة" للآجريّ ٢/ ٦١١.