للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: الحالة الاجتماعيَّة:

تبيَّن لنا مما سبق أنَّ الحالة السياسية في تلك الحقبة من أيام الدولة العباسية -التي عاصرها الثعلبي- كانت حالة سيئة، بسبب التفرق والتشرذم، والحروب والصراعات التي كانت مستمرةً.

ولا شك بأن العلاقة وثيقة جدًّا بين الحالتين: السياسية، والاجتماعية، فالحالة الاجتماعية مرآةٌ للحالة السياسية، فإذا كانت الحالة السياسية مستقرَّة، وكانت الدولة قويةً عادلة، أثَّر ذلك في المجتمع، فأصبح مجتمعاً قويًّا متماسكاً، يسوده الأمن والاستقرار والرخاء.

وبعكس ذلك تصير الأمور، إذا كانت الحالة السياسية مضطربة، والسلطة ضعيفة لا تملك من أمرها شيئاً، فالحالة الاجتماعية -عندئذ- تنهار، فلا أمن ولا أمان، ولا هدوء ولا استقرار، وهذا ما حصل للدولة الإسلامية في هذِه المدة التي نتحدث عنها.

فالحروب والصراعات التي دارت أنهكت الاقتصاد، وقضت على الموارد، وشجعت على إشاعة الفوضى في شتى ميادين الحياة.

فالفزع والرعب سيطر على القلوب، بسبب اختلال الأمن، مما أوجد الفرصة للسلب والنهب فكثر العيَّارون (١)، وانتشر اللصوص


(١) العيَّارون: هم طائفة من الرعاع، وأحدهم لا يهتم بأمور عيشه، ولا يتقيّد بالدين، ولا بالمتعارف عليه بين الناس.
انظر: "معجم المصطلحات والألقاب التاريخية" (ص ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>