جواز النسخ على زعم أنه بداء حيث قال عن النسخ: هو نقل العباد من عبادة إلى عبادة، وحكم إلى حكم، لضرب من المصلحة، إظهارًا لحكمته، وكمال مملكته، وله ذلك.
[بيان الثعلبي أن النسخ يكون في الأوامر والنواهي دون الأخبار]
قال رحمه الله: ثم اعلم أنَّ النسخ إنما يعرض على الأوامر والنواهي دون الأخبار، لأن الخبر إذا نُسخ صار المخبِر كذابًا.
ردُّ الثعلبي على اليهود إنكارهم للنسخ:
قال أبو إسحاق:"وأبى اليهود جواز نسخ الشرائع، وزعموا أنه بداء، فيقال لهم: أليس قد أباح الله تزويج الأخت من الأخ ثم حظره؟ ! وكذلك بنت الأخ وبنت الأخت؟ !
أليس قد أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه ثم قال له: لا تذبحه؟ !
أليس قد أمر موسى بني إسرائيل أن يقتلوا من عبد منهم العجل، ثم أمرهم برفع السيف عنهم؟ !
أليست نبوة موسى عليه السلام غير متعبَّد بها قبل بعثته، ثم تُعبِّد بها بعد ذلك؟ أليس قد أمر حزقيل النبي عليه السلام بالختان، ثم نهاه عنه؟ !
فلما لم يلحقه في هذِه الأشياء بَدَاء، فكذلك في نسخ الشرائع لا يلحقه بداء".
ويُظهر لنا هذا الرد قوة حجة الثعلبي، وقوة جدله، حيث قرَّر اليهود بأشياء هم يقرُّون بها، وأتاهم من قبلها، فأسكتهم، وأظهر دحض شبهتهم، ووهاء قولهم. ويظهر لنا مما سبق أيضًا شخصية الثعلبي